لم يطابق حساب حقل شيا والبخاري حساب البيدر في لبنان؛ بعد جهد منهك للحلف الأميركي في لبنان بقيادة السفارتين الأميركية والسعودية منذ 17 تشرين 2019 ودفع عشرات المليارات لجمعيات المجتمع المدني التي هي بمعظمها تابعة لقوى 14 آذار سابقًا وغيرت لبوسها فقط لتأخذ شرعية التمويل الخارجي وتستغل التمويل كما حدث سابقًا منذ عام 2005 وما تلاه في وجه المقاومة وحلفائها.
كذلك لم تستطع ثلاث قنوات لبنانية رغم فتح هوائها أربعًا وعشرين ساعه للتسويق الكاذب والمدفوع الثمن ضد حلف المقاومة في لبنان أن تُحدث أي فارق على أرض الواقع.
نعود إلى الأرض والشعب واللذَين ظن اهل الفضاء الافتراضي وقنوات الدجل الإعلامي وقطّاع الطرق منذ ثلاث سنوات خلت أنهم سيطروا عليهما، وضمنوا أمام أولياء نعمتهم من واشنطن إلى الرياض أن التغيير الذي سيحدثونه لم تستطع حرب تموز إحداثه ولا اغتيال الحريري ولا الحرب السورية، وبنوا أوهامهم على أن الأغلبية الصامتة في لبنان هي معهم بينما الذي تبين أن الأغلبية الصامتة من الشعب اللبناني ملت من المجاميع الأميركية، وأصبحت تمتلك من الذكاء ما يمكنها من التمييز بين الحق والباطل.
صدق سماحة الأمين العام لحزب الله حين شبّه هذه الانتخابات “بحرب تموز سياسية”، فقد جاءت نتيجة الانتخابات سياسيًّا مشابهة لحرب تموز وأعظم، فلم تستطع الفرق الأميركية السعودية المدججة بالمال والإعلام اختراق جبهة الثنائي المقاوم بربع نائب، والمفاجأة الكبرى كانت بالنجاح المدوي لحليف المقاومة على الساحة المسيحية وللوزير باسيل شخصيًّا الذي كان رأسه مطلوبًا ليكون سعد الحريري الرقم اثنين على الساحة المسيحية ويسقط بضربة مزدوجة من قبل القوات ومجتمع السفارات فجاء نجاحه بمثابة ضربة لساعر 2 المستقر في معراب.
على صعيد قطاع تشكيلات المجتمع المدني التي استطاعت الحصول على بعض المقاعد وهي تركة 14 آذار وسعد الحريري؛ فغياب سعد الحريري الذي كان بمثابة الرافعة السياسية والمالية لقوى 14 آذار والذي كان يمتلك أكبر كتلة نيابية من كل الطوائف عن الساحة، وتشظي هذه الكتلة أدى إلى وراثة العديد من مقاعد 14 آذار من قبل مجاميع المجتمع المدني.
يطرح البعض سؤالًا مهمًّا أنه لماذا لم تتشكل مجاميع المجتمع المدني في لوائح متحدة وتخوض المعركة بوجه المقاومة وحلفائها؟ والجواب بسيط هو أن اللاعب الأميركي على الساحة اللبنانية ينتقل من تجربة الى أخرى؛ فهذه المجاميع كانت سابقًا وسمعنا تصريحاتهم بأنهم كانوا جميعًا تحت عباءة 14 آذار، وبما أن تجربة 14 آذار فشلت بتحقيق الهدف المطلوب منها لذا انتقل الراعي الرسمي إلى تجربة جديدة وهي الثورة الملونة في 17 تشرين واللوائح الملونة في 15 أيار والهدف الأساسي من اللوائح الملونة ايجاد خرق ولو بسيط في تكتل الثنائي المقاوم، أي أنه عندما يوجد على الساحة العديد من اللوائح فهي بمثابة شبك يتصيد أي طائر وتصيُّد هذه الأصوات حسب الدراسات الخاطئة التي قدمت للسفارة الأميركية تحدث عن احتمال حدوث خروقات في المقاعد الشيعية.
المفارقة الثانية فيما خص النواب المنتخبين ويسعون لتشكيل كتلة مجتمع مدني أن غالبيتهم ربحوا بأصوات طوائفهم فقط ما يدل على أن شعاراتهم التي رفعوها من أنهم عابرون للطوائف كان عبارة عن شعارات لا أكثر، وما أظهرته الانتخابات أن العابرين للطوائف هم فقط المقاومة وحلفاؤها.
بعد 15 أيار استنفد المحور الأميركي في لبنان إحدى طلقاته الأخيره التي يوجهها عبر أدواته نحو المقاومة وحلفائها، وراكم فشلًا جديدًا وراكمت المقاومة انتصارًا جديدًا وجديًا بحضورها الشعبي وبحلفائها الصادقين، وهذا ما يجب أن يستغل في المرحلة القادمة على صعيد الاقتصاد الإستراتيجي والعمل نحو بناء الدولة القادرة والعادلة. وإن تجديد الثقة بالمقاومة والقوة الجماهيرية التي منحت مجددًا للمقاومة وحلفائها يجب أن يضع الخطوط الحمر لكل من يحاول أن يلعب بالأمن الاجتماعي والاقتصادي للشعب اللبناني.