هاني العبندي* – خاص الناشر |
ولدت في بيئة عِمادها الاشتباك، اشتباكات تتلوها سلسلة من الاشتباكات كلها تتمحور حول الوصول لحقيبة الحقائق، وكأن كُتب لي وعليّ أن لا أكون إلا هكذا، حتى أجد ذاتي وسط احتلال ذي مخالب حادة جدًا لا تُرى ولكن الشعور بجروح وخزها يتجاوز العقل، والروح والقلب.
ثمة ما لا يُمكن اختصاره أو حتى اختزاله، حينما نأتي على قضايا مفصلية، وأعني هنا تحديدًا مناطق الاشتباكات التي تتواجد فيها حقائب الحقائق التي يُراد إما اخفاؤها في مقابر المال والأعمال الرأسمالية أو قولبتها وفق ما يُحقق أجندتهما وإن كان الثمن ذبح القيم والمبادئ الإنسانية.
يُدرك كُل من يشتبك سعيًا للوصول إلى الحقائق أن الثمن باهظ للغاية، لا سيما حينما تكون مناطق الاشتباكات مليئة بالمُفخخات التي قد تُبعد الجميع عن المسار الصحيح، ورُبما تقود أحدنا إلى غُرف الظلام حيث تبدأ لحظات تجمد الوقت، إلا أن أكثرها وضوحًا حينما يُصبح أحدنا الحقيقة التي يُراد الوصول لها ونقلها إلى أبعد مكان وزمان حتى لا تُدفن في مقابر المال والأعمال الرأسمالية من جديد.
واثق جدًا أن الزميلة التي لم تعرفني الصحافية شيرين أبو عاقلة كانت تُدرك بصورة واضحة أن مناطق الاشتباكات المُسلحة في أي مكان في العالم هي أكثرها تعقيدًا، حيث تُصبح حقيبة الحقائق تتلقفها الكثير من الأيدي، والكُل يُريد ادعاء شرف الوصل لها والإخبار عنها، لكنها اليوم -أي أبو عاقلة- كان دمها الذي انهال على خصلات شعرها هو منطقة الاشتباك الجديدة القديمة، اشتباك بين الموقف الإنساني والمهني وبين تُجار المواقف وسُراق الأوطان، وما فلسطين إلا أوضح نموذج في عصرنا الحالي يؤكد بشاعة المُحتل الذي لا يُجيد قراءة قواعد الاشتباكات الجديدة، تلك القواعد التي تقول إن ثمة جيلًا جديدًا في عالم اليوم متمردًا، والاشتباك هويته المُتقدمة التي لا تخشى سُلطة المال ولا أزيز السلاح لأنه بيد جُبناء أمام جيل مُشتبك في كل الساحات بما فيها الصحافة والإعلام الأكثر تمردًا على كل من يعمد لسرقة أو اخفاء حقائب الحقائق أينما وكيفما كانت.
لكافة الزملاء والزميلات في الصحافة والإعلام العربي، إذا كان من موقف فليكن ايقاف كل صور التطبيع الصحفي والإعلامي مع الصهاينة، وأعني هنا بالخصوص من يعمل في قناة الجزيرة. إن وجود متحدثين صهاينة هو وصمة عار، ولن تغفر الشعوب العربية الحرة هذا الصمت. لا أكتب هذا ادعاء ولا أمنية أن أشهد صمتًا حيال تطبيع القناة التي تعملون فيها، لكنها رسالة أصغر صحفي في المعرفة الصحفية والإعلامية لمن هم يملكون الخبرة والعلم والمعرفة في عالم الصحافة والإعلام.
فهل نشهد موقفًا أو انسحابًا من أجل الصحفية
شرين أبو عاقلة التي اغتالها المحتل الصهيوني؟
هذه رسالة مُشتبك وُلد في بيئة اجتماعية مُشتبكة وينتمي لتاريخ طويل من الاشتباكات المُتعددة الاتجاهات، فهل تُقرأ الرسالة قراءة صحفية وقبل ذلك إنسانية؟
- صحفي سعودي