صدق من قال يومًا “إن لم تستحِ افعل ما شئت”، فبعد غياب الحياء السياسي والوطني في لبنان، اختار معظم السياسيين درب الوقاحة متناسين ما اقترفته أيديهم على مرّ السنوات، فخاطبوا الناس بالقيم والفضائل التي لا يعرفون منها شيئًا، وخيرُ مثال هو سمير جعجع.
يظن جعجع واهمًا أن المال الخليجي والدعم الأميركي في الانتخابات النيابية القادمة قد يشكّلان “طاقية الإخفاء” التي تخوّله طمر ماضٍ مغطى بدماء جميع اللبنانيين من دون أي استثناء، وحاضرٍ فاسد مليء بملفات النهب والسرقة والاعتداءات.
وعملًا بالقاعدة ذاتها “إن لم تستحِ افعل ما شئت”، يحاول جعجع اليوم بعد أن أتاه الدعم السعودي مع مؤازرة دار الفتوى أن ينصّب نفسه زعيمًا للطائفة السُنيّة وخاصّة جماعة ١٤ آذار بعد أن غدر برئيسهم سعد الحريري حين احتُجز في السعودية وحرّض الجميع ضدّه.
وبما أن التاريخ المرير الذي يسوده العار لن يستطيع أحدٌ طمسه مهما عُدّلَ أو حُرّف، يبقى تاريخ جعجع واضحًا بلونه الأسود كوضوح ضوء الشمس. وهنا نعرض بعض الأسئلة التي طرحها إميل إده الذي كان أحد الزعماء المسيحيين وعميد حزب الكتلة الوطنية ونائبًا في البرلمان اللبناني، وهي أسئلة وردت في مقالة نشرتها جريدة الحياة في العشرين من شهر مارس/آذار عام ١٩٩٢ بعنوان “إده لجعجع: من هجّر وقتل وزار اسرائيل؟”، حيث جاء فيها الآتي:
«حمل عميد حزب الكتلة الوطنية اللبنانية النائب ريمون اده على قائد «القوات اللبنانية، الوزير (المستقيل) الدكتور سمير جعجع، ووجه اليـه اسئلة عن علاقته بإسرائيل وبمجزرة إهدن عام 1978 واحداث الجـبـل عـام ۱۹۸۳ وبـعـمـلـيـة 13 تشرين الاول (اكـتـوبـر عـام 1990 عندما أطاحت قوات سورية ولبنانية العماد ميشال عون).
وقال العميد في تصريح أمس: سأكتفي بتوجيه الأسئلة الآتية إليه (الدكـتـور جـعـجع) ليتذكر الشعب اللبناني جرائمه:
۱ – هل اشترك في 13 حـزيران (یونیو) ۱۹۷۸ بمجزرة اهدن التي آلت إلى قـتـل 35 زغرتاويًّا من بينهم (النائب) طوني فـرنـجـيـة وزوجـتـه وطفلتهما؟
۲ – هل تسبب في قتل وتهجير المئات من شباب الشمال، أعضاء حزب الكتائب، وقد لجأ القسم الأكبر منهم إلى جبيل؟
٣- عندما دخل منطقتي عاليه والشـوف بـحـمـايـة قـوات الاحتلال الاسرائيلي، ألم يأمر قواته باستفزاز الدروز والمس بكرامـة مـشـايـخـهم والاعتداء على أعراضهم وممتلكاتهم، وكانت نتيجة هذه الجرائم تهجير 150 ألف مسيحي مـا زالوا مهجرين حتى الآن؟
٤- بأمر مَن ذهب إلى قرى شرق صيدا يوم ادعى أنه ذاهب لحـمـاية المسيحيين، فكانت النتيجة قتل بعضهم وتهجير القسم الأكبر منهم؟
ه- كيف سمح سمير جعجع لنفسه أن يشكل محكمة برئاسة الضابط فـؤاد مالك حكمت بتاريخ 6 كانون الثاني (يناير) ۱۹۸۸ بالإعدام رميًا بالرصاص على شابين مسيحيين مارونيين هما سمير زينون وغسان لحود وذلك في ثكنة الضبية؟
٦- ألم يقم أنصار سمير جعجع بقتل الجنرال خليل كنعان وهو نائم في منزله؟ نعم أم لا؟
٧- كيف سمح لنفسه أن يطلق النار على الجيش اللبناني ويقتل ضباطًا وجنودًا: المرة الأولى في معركة بين (العماد) عون وجعجع في شباط (فبراير) ١٩٨٩ والمرة الثانية بتاريخ ١٣ كانون الثاني ١٩٩٠ عندما دمّر مناطق عدّة خاصّةً عين الرمانة وسن الفيل – الدكوانة والضبية ثم القليعات(…)؟
٨- كيف سمح لنفسه بأن يطلق النار على الجيش اللبناني بالاشتراك مع الجيش السوري في 13 تشرين الاول 1990؟ وكم هـو عـدد اللبنانيين الذين تسبب في قتلهم؟ ومـا عـدد المسيحيين الذين قتلوا بأمر من سمير جعجع في جبيل والمتن بعد احتلال الجـيش الـسـوري وزارة الدفـاع والقصر الجمهوري؟
٩- ما هي قيمة الأموال التي جمعها سمير جعجع بفرض الخوات والرسوم المختلفة على الشعب اللبناني خاصةً في بيروت الشرقية والمتن وكسروان وجبيل؟ ومن يمتلك هذه الأموال ويتصرف بها الآن؟
١٠- منذ انتسب سمير جعجع إلى حزب الكتائب كم مـرة ذهب إلى اسرائيل وتاريخ كل زيارة؟ مع من التقى هناك؟ وهل تلقى تدريبات ومـا طبيعتها؟ وماذا طلب من الاسرائيليين؟ وعلى ماذا حصل؟
١١- هل أعاد لإسرائيل السلاح الثقيل الذي حصل عليه منها بدلًا من تسليمه للجيش اللبناني؟
الشعب اللبناني ينتظر أجوبة عن كل هذه الأسئلة.
وأخـيـرًا، بما أنه يحلو لسـمـيـر جعجع التشبه بالقديسين، عليه ان يتذكر ما جاء في إنجيل متّى عن تصرف المسيح تجـاه الذين تقـدمـوا وألقوا الأيادي عليه وأمسكوه: “واذا واحـد من الذين مع يسـوع مـد يده واستل سيـفـه وضـرب عـبـد رئيس الكهنة فقطع اذنه، فقال له يسوع رد سيفك إلى مكانه لأن كل الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون”.
وهنا أريد أن أذكـرك يـا سمير جعجع بمصير رئيسك بشير الجميل الذي قتل ۲۰۰ مسلم في مدخل بيروت الشـمـالـي بتـاريخ 6 كانون الاول (ديسـمـبـر) 1975 الذي وصف بـ “السبت الاسـود”، يوم كـان بـيـار الجميل يزور الرئيس حافظ الاسد في دمشق، وقـد قـتـل ايضـًا ٢٥٠ شابًا مسيحيًّا من انصار حزب «الاحرار» في الصفرا بتاريخ 7 تموز (يوليو) 1980. واريد ان اذكرك ايضًا بمصير رفيقك الحـزبـي غـيـث الخـوري الذي نظم مجزرة في مدينة جبيل قتل فيها 11 كـتـلـوًّا بتاريخ ۲۳ ايار (مايو) 1976، كما هاجم مع بعض الكتائبيين قرية جاج بتاریخ ۲۰ حزيران 1976 وحرق فيها عشرة منازل وقتل عددًا من أهاليها، تـذكـر وتذكر ربما تنفعك الذكرى».
إن كان هذا تاريخ جعجع إلى حين ما ذكره إدّه، وحاضره المعلوم الذي يعرفه الجميع، فهل يتوقّع أحدكم منه مستقبلًا مختلفًا عن الدماء والفتن؟