عندما توضع قضية الانتخابات تحت المجهر النقاشي، أسمع الكثير من الإشكاليات الاستنكارية أو الاستفهامية، أو حتى التهكمية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أوردها فيما يلي، ولو أنني أتمنى أن لا يسقط سهوًا البعض منها، حرصًا مني على مقاربتها بما يساعد مجتمعنا على الالتفات الى بعض الأمور الهامة.
والإشكاليات هي:
١. ماذا قدم لنا نواب حزب الله؟
٢. لماذا لا يتم تغييرهم؟
٣. إلا يوجد في مجتمعنا كفاءات أخرى تستطيع التصدي مكانهم؟
٤. إنهم، أي النواب، سارقون وفاسدون.
٥. أين المشاريع الانمائية والمصانع والمؤسسات والطرقات والمنشآت التي يجب أن ينفذوها؟
٦. لما يتحالفون مع بعض الفاسدين؟
٧. لماذا لا نراهم إلا في المواسم الانتخابية؟
٨. إنهم لا يخدمون إلا ابناءهم واقاربهم.
وغيرها من الإشكاليات التي تصب في احدى النقاط التي سبق ذكرها.
بداية لا بد من احترام إشكاليات الناس، وعدم التعاطي معها بمنطق التخوين، والسعي للاجابة عنها برفق، مع الاشارة الى اننا لسنا ملائكة، ولا يجب أن نقدس انفسنا، فقد نخطئ، وقد نصيب، ولكننا بالمجمل نحمل مسؤولية ناسنا واهلنا، وعملنا لأجلهم، وهم يعلمون تاريخنا وحاضرنا، وكم كنا بخدمتهم، وهذا واجب وفخر في آن واحد.
ومن جهة اخرى، لا بد أن نلتفت الى مهام النائب، وحدود مسؤولياته، قبل أن نحاسبه، حتى نعرف كيف نحاسب؛ فمهام هذا الاخير هي التشريع، والتمثيل، والرقابة، وليس جهة تنفيذية، وليس المطلوب منه تنفيذ المشاريع، وتزفيت الطرقات، وغيرها.
الردود على الإشكاليات:
١. الرد على الإشكالية الاولى:
لا يستطيع النائب أن يقدم الخدمات الشخصية لكل فرد أو عائلة في المنطقة، لعدم توفر الصلاحيات والموارد، وإن حاول فيكون غير الراضين اكثر بكثير من الراضين. كما انني سأوجه السؤال بطريقة أخرى، إذ لا يجب أن نقول ماذا قدم لنا النائب، بل حزب الله، واعتقد أن لهذا الحزب افضالًا كثيرة علينا جميعًا تعلمونها جيدًا، وإن لم يكن بارعًا في تظهير ما يقدمه، فإحصاء بسيط يكشف الكثير من الحقائق.
٢. الرد على الإشكالية الثانية:
نعم، انا مع التغيير، اذا احتملنا انه ينتج فارقًا، لكنه في ظل الازمة البنيوية للنظام، لن يغير حتى القليل، ومن جهة ثانية، القرار النيابي لا يحضّر في مطبخ الكتلة، بل في قيادة الحزب حيث يشارك النواب عبر رئيس الكتلة في طبخه، وهذا القرار يمثل قرار كل هذه المنظمة. ومع ذلك انا مع التغيير.
٣. الرد على الإشكالية الثالثة:
نعم، يوجد في مجتمعنا كفاءات، ويستفاد من معظمها في حركة هذه المسيرة، وهم منتشرون على امتداد المحور ليكونوا في خدمته، وليست الندوة البرلمانية الاهم، هناك ملفات تتجاوز بأهميتها العمل النيابي ولا يمكن التخلي عن المسؤولين فيها. مع الاشارة الى أن الحزب من اكثر التنظيمات انتاجًا للكفاءات، وهو حريص على هذا الانتاج لعلمه بخطورة المرحلة، وإن عدد الكفاءات تجاوز قدرة الهيكل على الاستيعاب، وهذا سيؤدي حتمًا الى وجود فئة تشعر بالغبن، ولو انني مع ضرورة الاستفادة من هذه الكفاءات، ولن نعدم الطرق.
٤. الرد على الإشكالية الرابعة:
ادرجت احداهن على صفحتها اتهامًا لنواب الحزب بأنهم سارقون، وهي طالبة حقوق، فقلت لها: بحكم انك تتخصصين في الحقوق والقانون، ألديك دليل على انهم سرقوا؟ قالت لا، قلت: كيف تتهمينهم اذً؟ قالت: هم مقصرون. قلت: ومتى كان التقصير بحكم السرقة؟ قالت: لا يخدمون الناس. قلت: اتفقنا أن التقصير مختلف عن السرقة، لكن أين قصروا؟ فلم تجبني!
يجب علينا اولًا أن ندرك جيدًا ما هو الدور المنوط بالنائب وبعدها نعكف على تقييمه. ولست بوارد الدفاع عنهم، ولكن العمل التشريعي في لبنان بحاجة الى اعادة نظر، واني لأرى أن نواب الحزب قد يكونون من اكثر المتابعين والمدافعين عن حقوق من يمثلونهم.
مع الاشارة الى أن بعض النواب يعيش في بحبوحة مالية، ولكن لا استطيع اتهامه بالسرقة والفساد، إلا بدليل وبينة، وفي حال توفرا فلنقدمهما الى مرجعية الكتلة، والقضاء اللبناني.
٥. الرد على الإشكالية الخامسة:
كما اسلفنا القول، ليس من مهام وصلاحيات النائب تنفيذ المشاريع. نعم هو يقترحها، ولكنها إن لم تقرّ في البرلمان وفق الاسس الدستورية لا تأخذ طريقها الى التنفيذ عبر مجلس الوزراء والوزارات المختصة. كما أن الانماء وبجزء كبير منه مرتبط بالقطاع الخاص الذي يبحث عن البيئة الآمنة التي لا توفرها بحزم الدولة العميقة في لبنان، قاصدة أو غير قاصدة.
٦. الرد على الإشكالية السادسة:
إشكالية كبيرة مرتبطة بالوضع الاستراتيجي للبلد، وقاعدة الخيارات السيئة والاسوأ والكارثي. ولنعلم أن جل الاحزاب متهم بالفساد وبنسب مختلفة، وأن أي تحالف مع أي منهم، سيعرضنا لنفس الإشكالية، مع الاشارة الى أن هذه الاحزاب لها امتدادات شعبية، ومن ينكر هذا الامر لا يعرف شيئًا عن الوضع اللبناني.
اما ما هي الخيارات؟ فيمكننا تشكيل معارضة، في وجه كل الاحزاب، ولنتخيل ما يجري، يتكتلون ضدنا، ويبدأ الصراع الذي سرعان ما سيتحول الى حرب اهلية تبدأ من بيئتنا القريبة وتمتد الى كل لبنان.
والخيار الثاني أن نتحالف استراتيجيًا مع من يقبل بوجودنا ويحفظ المقاومة، ونحاول قدر الامكان المساعدة وتخفيف آثار هذا الفساد، منتظرين تحولًا جوهريًا دراماتيكيًا، يقرره الشعب اللبناني، مع وضع خطين تحت عبارة الشعب اللبناني، ونكون نحن ومن يريد الالتحاق بنا مع هذا الشعب، ولو اني مع اعادة النظر في ادارة بعض التحالفات، وقراءة نتائجها مليًا.
٧. الرد على الإشكالية السابعة:
نعم، انها عادة سيئة، وأقترح على النواب أن يضعوا برنامجًا وخطة، للبقاء على التواصل مع الناس، ليشرحوا لهم ما يجري في دهاليز البرلمان، وما هي المشاكل التي تواجههم، وماذا انجزوا. والامر سهل، فالكتلة التي تحوي مثلًا ١٠ نواب، يمكنها أن تقسم المنطقة الى ١٠ اجزاء، وليتابع كل نائب جزءًا معينًا، وبهذه الحالة لا يشعر الناس بغياب النواب وانقطاعهم عنهم الى حين زمن الانتخابات
٨. الرد على الإشكالية الثامنة:
في عملية حسابية بسيطة، اذا كان تعداد الاسر في بعلبك الهرمل خمسين الف عائلة، فهل يستطيع النواب تقديم خدمات شخصية لهذا العدد؟ ففي احسن الحالات سيخدمون العشرات أو حتى بضع مئات، وسيبقى عشرات الآلاف خارج اطار الخدمة الشخصية، وهؤلاء سيتهمون النواب بالتقصير، مع انه ليس مطلوبًا منهم، ولا يستطيعون اصلًا، فكيف اذا قام احد النواب وخدم ابنه أو احد اقاربه؟ مع تحفظي على ذلك، فلن يسلم من التهجم والاتهام.
ايها الاعزاء، يجب أن نعرف أن حزب الله يقدم الغالي والنفيس لاجل هذه الامة وهذا الشعب، وقد اسلفت الذكر، أن دعايته ضعيفة وغير فاعلة لاسباب مختلفة، وقد يرتكب بعض الأخطاء في التخطيط، ولكن لو تدرون كم هي المبالغ الهائلة والتقديمات العينية والخدمات على مختلف الصعد، التي تخصص للمتفرغين والمتعاقدين والموظفين والناس والحالات الاجتماعية، لتفاجأتم وأُدهِشتم، ناهيكم عن الفعل المقاوم التاريخي والاستراتيجي، الذي حفظ الارض والعرض، ولعلمتم أن من بين كل الاحزاب، محليًا وعالميًا، ليس ثمة حزب يجاري حزب الله في العطاء، عطاء الدم وعطاء المال والهدايا والمساعدات والخدمات، ورغم ذلك، يتواضع ويقول: سنخدمكم، وبطبيعة الحال لا يقدر على أن يمن على احد، وهو اختار سبيل رضا الله تعالى.
وفي آخر الكلام، يحتاج النواب ومن ورائهم الحزب، للوقوف الى جانبهم، ومساعدتهم، عبر ايصال النواب الى الندوة البرلمانية، ليحموا ظهر المقاومة من الطعن، في بيئة تصبح عدائية بشكل مرعب عندما نغيب عنها.
ومن جهة اخرى لا مناص من مراقبتهم، وإسداء النصيحة لهم، حتى يتكامل الجميع، ونستطيع تجاوز الازمات الآتية من وراء البحار، تلاقيها ازمات الكونسبيراسيين والكليبتوقراطيين الداخلين مع مرتزقة بعض الـ NGO’s .