شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية تطورًا دراماتيكيًا تمثّل بإقدام عضو الكنيست عيديت سيلمان على الانسحاب من الائتلاف الحكومي الذي يجمع نفتالي بينيت ويائير لابيد، لمصلحة “الليكود”، ما جعل الحكومة الحالية تخسر الأغلبية البرلمانية، وفتح الباب أمام إجراء انتخابات مبكرة.
وقالت سيلمان في بيان: “سأنهي عضويتي في الائتلاف وسأحاول متابعة إقناع أصدقائي بالعودة وتشكيل حكومة يمينية. أعلم أنني لست الوحيدة التي يخالجها هذا الشعور”. وأضافت: “جربت طريق الوحدة وعملت كثيرًا من أجل هذا الائتلاف”، وذلك اعتراضًا على تعليمات صادرة عن وزير الصحة نيتسان هوروفيتس، والتي تقضي بالسماح للمستشفيات بالتزوّد بمنتجات الخبز المخمر خلال عطلة عيد الفصح اليهودي الذي يصادف الشهر الحالي، فيما تمنع التعاليم الدينية اليهودية استخدام الخبز المخمر في الأماكن العامة خلال عيد الفصح.
وبعد إعلان عيديت سيلمان تراجع تحالف بينيت، الذي يضم أحزابًا متباينة من اليمين المتشدّد واليسار بالإضافة إلى “الحركة الإسلامية الجنوبية” بقيادة منصور عباس، من 61 إلى 60 مقعدًا ما يجعله متساويًا مع مقاعد المعارضة التي تتشكّل من أحزاب اليمين المتطرّف والمتدينين المتزمتين والقائمة المشتركة للأحزاب العربية.
وأجمعت وسائل الإعلام العبرية على وصف الانسحاب المفاجئ بأنه صدمة وتطور دراماتيكي و”دراما كبيرة”، متحدّثة بقلق عن أن احتمالات إمكانية إجراء انتخابات مبكرة باتت تلوح بالأفق.
وأنعشت خطوة سيلمان المعسكر اليميني المتطرّف، الذي ارتفعت حظوظه من أجل العودة إلى الحكم، فسارع زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو، الذي يتزعم حزب الليكود اليميني، إلى الترحيب بقرارها، وقال: “إيديت إنك دليل على أن ما قادك إلى ذلك هو الاهتمام بهوية إسرائيل اليهودية والاهتمام بأرض إسرائيل، أرحب بك مجددًا في أرض إسرائيل وفي المعسكر الوطني”. وأضاف: “أدعو كل من تم انتخابه بأصوات المعسكر الوطني للالتحاق بإيديت والعودة (إلى قاعدتهم)، سيتم استقبالكم بأذرع مفتوحة وبفخر”.
ولتشكيل ائتلاف جديد خاص به من دون خوض انتخابات جديدة، سيحتاج نتانياهو إلى دعم 61 نائبًا على الأقل. وقد أعادت خطوة عيديت سيلمان خلط الأوراق على الساحة السياسية في دولة العدو، مع ارتفاع التوقعات بعدم قدرة الائتلاف الحالي على الاستمرار مع هذا التحوّل، الذي اعتبره الكثيرون بداية نهاية الحكومة الائتلافية لبينيت – لبيد، خصوصًا وأن الإعلام العبري يتحدّث عن أن سيلمان اتفقت مع حزب “الليكود” على تخصيصها بالمكان العاشر في قائمة الحزب في حال أجريت انتخابات مبكرة، وتوليها منصب وزيرة الصحة. كما يتحدّث أيضًا عن أن نائبًا آخر من حزب “يمينا” الذي تنتمي إليه عيديت سيلمان، وهو نير أورباخ، قد يستقيل أيضًا من الائتلاف الداعم للحكومة، فيما أكّد عضو الكنيست عن حزب “الليكود” يؤاف كيش للقناة 12 الإسرائيلية، أنّ عيديت سيلمان “قد تكون الأولى في هذا الطريق، لكنها ليست الوحيدة، فهناك محاولات مع أعضاء كنيست آخرين للسير في طريقها”.
ستحاول جميع الأطراف استغلال “عطلة الربيع”، التي تمتد حتى الثامن من أيّار، لترتيب التحالفات واستجماع أوراق الضغط والقوة، بحيث لا يمكن حلّ الكنيست خلال العطلة، كما أن التوازنات الحالية لا تتيح لأي فريق امتلاك الأغلبية لفعل ذلك بعد. وتشير المعطيات الواردة في الإعلام العبري إلى أن التوجّه الآن من وراء خطوة عيديت سيلمان هو إقامة كتلة منفردة مع عضو الكنيست عميحاي شكلي، بهدف استبدال رئيس الكنيست بمساعدة “القائمة العربية المشتركة”، وحلّ الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة، على الرغم من أنه سيكون من الصعب استبدال رئيس الكنيست الآن، لأنّ الأمر يتطلب 90 عضوًا.
ويبدو أن “القائمة العربية المشتركة” منخرطة فعلًا في جهود إسقاط حكومة ائتلاف بينيت – ليبيد، إذ قال عضو الكنيست أيمن عودة إن “القائمة العربية المشتركة” لن تساعد في إنقاذ حكومة بينت من الانهيار بعد استقالة عيديت سيلمان، الأمر الذي اعتبره عضو الكنيست عن “إسرائيل بيتنا” إيلي أفيدار “بصقة” في وجه “معسكر التغيير”.