اللوائح والتحالفات: إعلان مبكر لنتائج الانتخابات النيابية

تنتهي منتصف الليلة -الاثنين- المهلة النهائية لتسجيل اللوائح الانتخابية بعد أن صاغت القوى والاحزاب والمجموعات والشخصيات تحالفاتها للانتخابات النيابية، على أن يسقط قسرًا ترشيح كل شخص لم يجد لنفسه مكانًا في لائحة، وهذا ما أجبر العديد من المرشحين على إعلان سحب ترشحهم قبيل انتهاء المدّة. غير أنّ اعلان اللوائح والتحالفات سيكون بمثابة إعلانٍ مبكرٍ لنتائج الانتخابات النيابية أيضًا، إلّا في حال حدوث تطوراتٍ معينة منها تغيّر نسبة المشاركة بالانتخابات زيادةً او نقصانًا عما كانت عليه عام ٢٠١٨ بفارق كبير. وقد تحتاج هذه الملاحظة شرحًا تقنيًا، لأن زيادة عدد المقترعين في دائرة معينة ترفع الحاصل الانتخابي الذي يحتاجه كل مرشح في احدى اللوائح لحجز مكانه في الندوة البرلمانية، ومع ارتفاع الحاصل تفقد بعض اللوائح المنافسة للاكثريات الحزبية او المذهبية فرصة الخرق. لكن، لا شيء حتى اللحظة يشير إلى تغيّرٍ كبيرٍ في نسبة المشاركة.

ولفهم المشهد الانتخابي جيدًا يمكن تقسيم الدوائر الانتخابية الى ٣ مجموعات: المجموعة الاولى هي الدوائر محسومة النتائج لوجود بلوكات حزبية وتحالفاتٍ متماسكة تجعل الخرق مستحيلًا كدائرة صور – الزهراني، رغم كل ما يرافق المشهد من حديث عن امكانية الخرق بمقعدٍ واحد، إلّا أنَّ ذلك يحتاج الى تجيير كل الاصوات المعارضة للائحة الاقوى التي تضم امل وحزب الله، في لائحة واحدة، وهذا ما لم تشهده هذه الدائرة تحديدًا بوجود لائحتين منافستين للثنائي حتى اللحظة.

كذلك يمكن أن ينطبق على دائرة بعلبك الهرمل التي ومع غيابِ تحالفٍ بين القوات والمستقبل فيها، فإن احتمال الخرق بالمقعد الماروني بات صعبًا جدًا، خصوصًا مع انضمام شخصيتين سنّيتين فاعلتين الى لائحة الحزب في هذه الدائرة، وسيصبح الخرق مستحيلًا في حال ارتفعت نسبة المشاركة من جمهور الحزب الى اكثر من ٥٠ بالمئة، ما يعني تخطي الحاصل الانتخابي العشرين الفًا، وهو رقم لا تملكه القوات مهما حشدت في بعلبك – الهرمل.

أما المجموعة الثانية، وهي الدوائر المسيحية التي يعرف كل حزب او مجموعة حجم وجوده فيها، كالمتن وجبيل كسروان والشمال الثالثة، في هذه الدوائر، تقتصر المنافسة على حاصل واحدٍ او اثنين من عشرة، فيما باتت نتائج المقاعد الاخرى شبه محسومة، ففي دائرة المتن التي تشهد زحمة لوائح ومرشحين، فإن المعركة الموجودة بين القوات والتيار الوطني الحر هي بمثابة استنساخ لمعركة العام ٢٠١٨، رغم ترشيح القوات لكاثوليكي بدل عن الماروني، لكن في المحصلة الكتائب تمتلك حاصلين، والقوات معها حاصل واحد والتيار يمتلك اثنين مضمونين مع كسور، وبالتالي فإن فوز التيار بحاصلٍ ثالث يعود إمّا لإيدي معلوف او ابراهيم كنعان، مرتبط بالحاصل الذي قد تحصل عليه قوى المجتمع المدني مع تصدّر مرشح حركة مواطنون ومواطنات في المتن جاد غصن ارقام المجتمع المدني، من دون التقليل من الحضور الفاعل لميشال نجل الياس المر، فيما حسمت المعركة الارمنية لصالح الطاشناق المتحالف مع المر.

كذلك الامر في جبيل كسروان، فإن التيار الذي يضمن حاصلين حتى اللحظة يقود معركته على حاصلٍ ثالث رغم صعوبته، بعد تحالفه مع حزب الله الذي يحسم نتيجة المقعد الشيعي في هذه الدائرة، فيما تتوزع المقاعد المسيحية المتبقية بين القوات التي تسعى للحصول على حاصلين ومنصور البون المتحالف مع فارس سعيد ونعمة افرام المرشح على لائحة الكتائب، فيما تبدو حظوظ المجموعات “الثورية” شبه متلاشية.

في الشمال الثالثة الامر نفسه، مع حسم التيار عدم تحالفه مع المردة، فإن مقعدين باتا شبه محسومين رغم المعركة المسيحية المحتدمة في هذه الدائرة التي يربطها البعض بالمعركة الرئاسية المقبلة، فهذه الدائرة تضم المرشحين الابرز للرئاسة، جبران باسيل، سمير جعجع، ميشال معوض وسليمان والد طوني فرنجية المرشح عن زغرتا والناجح سلفًا وفق معطيات الارض.

المجموعة الثالثة، وهي الدوائر التي تشهد مقاطعةً سنيّة من جمهور تيار المستقبل، ستتحكم بنتائجها احتمالية مشاركة البعض منهم بها، كطرابلس والبقاع الغربي مثلا، وقد تكون هذه الدوائر من اصعب الدوائر التي يمكن تخمين نتائجها قبل معرفة اين ستصب اصوات التيار الازرق، لكن ذلك يعني تلقائيًا ارتفاع حظوظ الشخصيات السنيّة المنافسة لمنزل آل الحريري كفيصل كرامي وجهاد الصمد وطه ناجي، وانخفاض حظوظ الشخصيات المسيحية التي اعتادت حجز مقاعدها بالاتكال على اصوات جمهور المستقبل كالمقعد المسيحي في عكار الذي يعتبره التيار محسومًا لصالحه في ظل القطيعة الحريرية لمرشح سمير جعجع.

في الخلاصة، فإن معركة الانتخابات النيابية إن تمت في موعدها ستكون فعليًا على أقل من ثلث المقاعد غير محسومة النتيجة، فيما الثلثان الآخران باتت الاحزاب والقوى البديلة والسفارات المهتمة بالانتخابات تدري جيدًا نتيجتها من دون الحاجة الى اجراء احصاءات حتى.

اساسيالانتخابات النيابيةالتيار الوطني الحرالكتائبحركة املحزب اللهلبنان