جنين.. نزف القافلة منذ بدر الكبرى إلى اليوم

هذه الدماء التي نزفت في أول أيام شهر الله المبارك كأنها الأمانة التي استودعها الشهيد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي لمن انحاز لخيار الجهاد الإسلامي بأن يُبقوا جذوة الصراع مشتعلة وأن هذا العدو الغاصب لا يجب أن يهنأ برهة على أرض الطهر فلسطين.

الناظر لأعداد مجاهدي الذراع المسلح لحركة الجهاد الإسلامي في الضفة المحتلة يجدها قليلة نسبيًّا إذا ما قورنت بأعداد المقاتلين في بعض التنظيمات الأخرى، لكن في السنوات الأخيرة تصدر مجاهدو الجهاد الإسلامي خاصة في شمال الضفة وتحديدًا مخيم جنين، مخيم محمود طوالبة ورفاقه، الكثير من عمليات إطلاق النار التي استهدفت مواقع جيش الاحتلال الصهيوني ومستوطنيه، وحتى آليات المحتل التي تقتحم المخيمات الفلسطينية في الضفة لاعتقال أو تصفية مجاهدين. أعادوا أمجاد محمود طوالبة والسعدي وجرادات وطحاينة التي لا ينساها كل حر وشريف انحاز لخيار مقاومة المحتل. جنين هذا المخيم الصغير نسبيًّا، لكنه كبير جدًّا بالبطولة التي يقدمها شبابه المجاهدون في ساحة العمل المقاوم على أرض الضفة.

هؤلاء الشباب المتسلحون بسلاح الإيمان والوصية التي غرسها في نفوسهم المعلم الشقاقي، أخذوا على عاتقهم استنهاض الضفة بأكملها من خلال جودهم بأعظم ما يملكون وهي أرواحهم الطاهرة. كلما شاهدت أو سمعت أفعالهم تذكرت هذه الميزة العظيمة التي ميز بها الأمين المؤسس الدكتور فتحي الشقاقي كل من امتشق خيار الجهاد الإسلامي كخيار مقاوم لا يركن ولا ينشغل بالهوامش، ولا يغتر بالسلطة ومتاع الدنيا الزائل، ويبقى همه الوحيد والأوحد مقاومة هذا المحتل. وعلى الرغم من المضايقات والاعتقالات التي تقوم بها السلطة في صفوفهم، إلا أنهم مصرون دومًا على أن يبقى سلاحهم نظيفًا وبوصلته واضحة وهي صدر المحتل، رغم ظلم وبطش ذوي القربى إن صح التعبير.

هذه الدماء التي سالت اليوم والدماء التي سبقتها ستزهر نصرًا قريبًا مؤزرًا بإذن الله تعالى، مهما طال العمر الزمني لهذا المحتل. هؤلاء الشباب كتبوا وصاياهم وكانوا يجهزون لعمل بطولي جديد، لكن المحتل جاء إليهم هذه المرة برجليه ليصيبوا قائد الوحدة المهاجمة لهم بجراح خطيرة ويظهر فيما بعد أنه برتبة مقدم ومسؤول شخصيًّا عن العديد من عمليات الاغتيال والاعتقال بحق المقاومين، حتى أنه اعتقل بعض أسرى الجهاد الإسلامي الأبطال الذين هربوا من سجن جلبوع الصهيوني.

بورك الخيار الأمل، والخيار الأصوب، خيار الجهاد الإسلامي طليعة الأمة ومشروع الشهادة. بوركت دماؤكم الطاهرة يا خليل وسيف وصائب وضياء وجميل ونور، وكل الشهداء الأبطال الشجعان الذين هزموا جبن هذا المحتل الغاصب وقدموا الواجب فوق الإمكان رغم عدم تكافؤ القوة العسكرية، ومضوا إلى ربهم في هذه الأيام المباركة مقبلين غير مدبرين، وما بدلوا تبديلًا.

اساسيجنينفلسطين