تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على أوروبا

ميخائيل علاء الدين* – خاص الناشر |

بغض النظر عن مجريات المعارك والنتائج المترتبة لاحقًا فإن الخاسر الاكبر حتى الساعة هو أوروبا نفسها:

  • فالحرب تقع على ارض اوروبية.
  • تهجير اكثر من ٤ ملايين اوكراني الى بلدان اوروبية منها فرنسا والمانيا ما شكّل عبئًا اقتصاديًا واجتماعيًا على هذه الدول.
  • العقوبات المالية بحسب نظام سويفت، وتجميد وعرقلة حوالى ٤٠٠ مصرف روسي أثرت ليس فقط على روسيا بل على اوروبا لأن هذه المصارف الروسية تتعامل مع بلدان ومصارف اوروبية عدة.
  • العقوبات حتى اللحظة تطال اشخاصًا ومؤسسات معينة اكثر مما هي تؤثر على الاقتصاد الروسي عامة او على الشعب الروسي. لأن روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي استطاعت الى حد ما تأمين جزء كبير من حاجاتها الاساسية من اراضيها ومن مواردها في الطاقة. اضافة الى ذلك فإن معظم الشعب الروسي اعتاد على الحياة الاجتماعية والاقتصادية الروسية، وبالتالي فهذه العقوبات لم تؤثر كثيرًا عليه.
  • المانيا تأثرت نتيجة توقيف خط انابيب نورد ستريم٢ لمد الغاز.
  • اوروبا تعتمد على طاقة روسيا بنسبة ٤٠% اكثر بكثير مما تعتمد على موارد اوكرانيا.
  • بولندا وحتى تركيا تأثرتا سلبيًّا من العقوبات لأنهما تعتمدان ايضًا على موارد وحاجات روسية.
  • من هنا شدد الاتحاد الاوروبي مؤخرًا على ضرورة تحييد ملف الغاز عن العقوبات واستمرار تدفق الغاز الى اوروبا.
  • فرنسا اليوم وقبيل الانتخابات الرئاسية تواجه معارضة للعقوبات الاميركية والاوروبية على روسيا، فالمرشحة لوبان، تؤيد روسيا وتؤيد علاقات جيدة معها لأنها تعلم شديد العلم مدى اهمية العلاقات الاقتصادية مع روسيا.
  • المانيا بدورها تواجه معارضة شعبية ولو جزئية للعقوبات الاقتصادية.
  • لا ننسى ان العامل الجغرافي لروسيا يلعب دورًا ايضًا فدول كثيرة تتبادل مع روسيا تجاريًا، والدول المشرفة على استونيا ولاتفيا والقريبة من فرنسا والمانيا وسواها من الدول تأثرت كثيرًا نتيجة توقف التبادل التجاري مع روسيا، من هنا رأينا موقفًا منذ ايام لممثل الاتحاد الاوروبي يطالب بتحييد ملف الغاز عن العقوبات والاستمرار بمد الغاز. ويخشى المسؤولون الغربيون اليوم أن تطول الحرب وتؤثر سلبًا اكثر فأكثر على اوروبا، في حين أن روسيا ما تزال حتى يومنا هذا صامدة ومستمرة في المعارك من دون تأثيرات كبيرة. فالحرب لا تقع على ارضها، ومواردها مؤمنة بنسبة كبيرة من تلقاء ذاتها. وكانت روسيا منذ ٢٠١٧ اعتمدت نظامًا ماليًا ايضًا خاصًا بها كمبادرة استباقية لأي عقوبات مصرفية، واليوم تتجه للتبادل بالذهب مثلًا أو وسائل مالية اخرى للتعويض عن مسألة احتجاز وتجميد معاملاتها المالية بموجب نظام سويفت.
  • في ما يتعلق بمسألة القمح ايضًا فاوروبا هي المتضرر الاكبر من عدم تدفق القمح كما كان سابقًا، في حين أن روسيا تعتبر من اكثر الدول انتاجًا للقمح.

نتيجة كل ذلك تشهد اليوم دول اوربية عديدة مثل فرنسا وايطاليا والمانيا وبولندا معارضة لهذه العقوبات. كما وتؤثر الاوضاع على حالتها السياسية، فالرئيس الفرنسي اليوم في وضع حرج، فهو المؤيد للناتو وللسياسة الاميركية في حين منافسته تلعب على وتر هذه العقوبات وتأثيرها السلبي على الشعب والاقتصاد الفرنسي. وثمة اصوات اوروبية عديدة اليوم تطرح تساؤلات عن جدوى الارتباط بحلف شمال الاطلسي لهذه الدرجة إذ إن الخاسر الاكبر هو اوروبا بشكل عام في حين ان الولايات المتحدة الاميركية غير متأثرة فلا الحرب على ارضها ولا العقوبات تطالها.

اضافة الى هذه العقوبات فرضت عقوبات اخرى تتعلق بمنع السفر او تجميد الرحلات من اوروبا الى روسيا او بالعكس، غير ان دولًا اوروبية عديدة تأثرت وبشكل كبير نتيجة هذا الحظر. وصحيح ان ٢٧ دولة اوروبية وافقت على فرض العقوبات غير انها تعلم انها متضررة في الوقت عينه.

لكن المشكلة ان الدول الاوروبية غير قادرة برأيي اليوم على فك الارتباط مع حلف الناتو ومع الولايات الاميركية، فالنتائج السلبية تقع على كامل اوروبا من دون استثناء ولو بنسب متباينة.

التأثير السياسي بعد الحرب

  • نشهد اليوم تصاعدًا لبعض الاحزاب اليمينية الاوروبية المتطرفة.
  • معارضة للعقوبات وللسياسة الاميركية في دول اوروبية عدة ولو بنسبة جزئية.
  • في حال انتصار روسيا الحرب ستكون قد استعادت بعض رموز السياسة الروسية القديمة (روسيا القيصر…) وفرضت نفسها بقوة على الساحة الجيوسياسية.
  • سنكون امام قوى سياسية جديدة مؤثرة: الصين وروسيا وغيرهما من الدول.
  • امكانية تغيير النظام في اوركرانيا ليتماشى مع سياسة روسيا.
  • إلغاء فكرة ادخال اوكرانيا الى حلف الناتو.
  • تخفيف من سيطرة حلف الناتو في اوروبا
  • تسويات جديدة يمكن ان تشهدها الساحة الدولية نتيجة هذه الحرب ان على صعيد الملف النووي الاميركي الايراني او ملفات اخرى، وستكون روسيا لاعبًا اساسيًّا فيها.
  • عودة روسيا وبشكل كبير الى السياسة الدولية.
  • عودة احزاب اليمين بشدة في دول اوروبية عديدة كالمانيا ومعارضة فرنسية لسياسة ماكرون. واليوم تشهد فرنسا موجة من المعارضة تتزعمها منافسته لوبان.
  • يمكن ان نرى مظاهرات اوروبية عديدة نتيجة الاعباء من اللاجئين الاوكرانيين والاعباء الاقتصادية المترتبة عنهم اضافة الى توقف التجارة مع روسيا.
  • ان حوالى ٢٠ دولة اوروبية غير موجودة في الناتو. النمسا مثلا وايرلندا وسواهما من الدول. فهذه الدول يمكن ان تشكل ورقة ضغط مع روسيا يومًا ما.
  • في ايطاليا حوالى ٤٠% من مناصري الحزب الديمقراطي الايطالي يؤيدون روسيا.
  • الاقليات الروسية في استونيا ولاتفيا تؤيد روسيا ويمكن ان تلعب دورًا مهمًا في الانتخابات لاحقًا. وثمة احزاب شعبوية اوروبية متطرفة تؤيد روسيا منذ انضمام القرم ٢٠١٤.
  • ١٤٩ نائبًا ينتمون الى احزاب اليمين في برلمان الاتحاد الاوروبي.
  • وهناك احزاب عدة تؤيد سياسة روسيا بوجه اميركا نذكر منها: حزب الحرية النمساوي وحزب الجبهة الوطنية في فرنسا
    وحزب الاستقلال البريطاني وحزب الشعب الدانماركي وغيرها من الاحزاب الشعبوية المؤيدة لعلاقات جيدة مع روسيا.

*مدير مكتب وكالة “ريا نوفوستي” – بيروت

اساسياوروبااوكرانياروسيا