فيما تشهد الساحة السياسية في ليبيا صراعات متجددة ومستمرة بين الأطراف المختلفة منها المدعوم من الخارج لتنفيذ أجندات الغرب والمدعوم من الداخل لتحقيق مطالب الشعب الليبي، نجد أن هنالك شخصيات مستفيدة من حالة الفوضى هذه وتقوم بتبديد ثروات الشعب الليبي والاكتساب غير الشرعي. حيث إنه وبحسب التقارير وعلى الرغم من أن المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا هي المُسيطر الرسمي على جميع عائدات وإمدادات النفط، إلا أن السوق السوداء مليئة بالذهب الأسود الليبي الذي يتم بيعه عن طريق إحدى الشخصيات العسكرية والسياسية الأساسية في البلاد، وهي القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية في شرق البلاد، خليفة حفتر.
وقد شهدت الأيام العشرة الماضية وفق التقارير نقل أكثر من 6 ملايين برميل نفط من خليج طبرق الواقع تحت سيطرة خليفة حفتر على متن 4 ناقلات بحرية. وتبين أن من بين هذه الناقلات اثنتين تتبعان لشركة نقل هولندية وأخرى تايوانية.
وعلى الرغم من محاولات المنظمات الدولية وضع حد للتجارة بالنفط في السوق السوداء إلا أنها تستمر في التزايد يوماً بعد يوم، بل وتدر دخلًا يُقدر بحوالي 400 مليون دولار شهرياً تذهب جميعها لصالح خليفة حفتر وكبار القادة في الجيش الوطني الليبي.
ويرى المراقبون العسكريون والخبراء السياسيون أن هذه الأموال الضخمة يتم تسخيرها لشراء العتاد العسكري وتقوية صفوف قوات حفتر الذي وبعدما فشل في تولي رئاسة البلاد بعد تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر أن تنعقد في 24 ديسمبر كانون الأول الماضي ينوي الهجوم على طرابلس مرة أخرى وتولي حكم البلاد بقوة السلاح.
وللحد من احتمالية نشوب صراع عسكري جديد في ليبيا من اللازم أن يتم فرض عقوبات صارمة على خليفة حفتر وأبنائه من قبل المجتمع الدولي ومعاقبة كل من يُتاجر بالنفط في السوق السوداء لما له من تأثير سلبي على أسعار النفط في السوق العالمي، حيث إن هذه التجارة تتسبب بأضرار لملايين الليبيين لا يمكن إصلاحها مما يجعلهم ضحية للجوع والفقر. وطالما يحتفظ خليفة حفتر بأي عائدات نفطية بشكل غير قانوني، فلن يحترم أي اتفاقيات سياسية مع لاعبين رئيسيين آخرين في البلاد مثل فتحي باشاغا وعبد الحميد الدبيبة. وبالتالي، فإن سياسات حفتر أدت إلى تفاقم الأزمة في ليبيا خلال السنوات السابقة، واستمراره في السيطرة على الحقول النفطية لن يمهد الطريق أمام العملية السياسية لتحقيق استقرار في البلاد وإنهاء الأزمة المستعرة فيها منذ 2011.