علّق عالم الأحياء، الخبير العسكري إيغور نيكولين، في مقابلة مع صحيفة برافدا رو، على بيان نائبة وزير الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند بشأن نية واشنطن إخفاء أبحاث المعامل البيولوجية الأميركية في أوكرانيا عن الجيش الروسي، وقال “يمكن استخدام تلك المختبرات البيولوجية للأغراض العسكرية. وإذا لم تشكل هذه المختبرات نوعًا من التهديد، فلماذا يعيش الأميركيون نوعًا من الفوضى والذعر؟ من الواضح أننا نتحدث عن انتهاك صارخ لاتفاقية الأسلحة البيولوجية والجرثومية التي وقعتها واشنطن عام 1972”.
وأشار نيكولين إلى أن السلطات الأميركية كانت تحاول عدم إجراء تجارب محظورة على أراضيها. لقد نقلت الولايات المتحدة التجارب إلى أراضي دول أخرى، على سبيل المثال، اليابان وألمانيا.
وأضاف عالم الأحياء الروسي: “عندما تكون السلطات الحاكمة فاسدة، لن يتم طرح أسئلة غير ضرورية، وستسمح بإجراء تجارب على مجموعة جينية محددة: على البشر والحيوانات والنباتات. على وجه الخصوص هذا يحدث في أوكرانيا. إنهم يدرسون ميزات علم الوراثة لدى السلاف ويقومون بعمل لزيادة الامراض. أي إنهم يصنعون الجيل التالي من الأسلحة البيولوجية، والتي يجب أن تكون محددة عرقيًّا، والتي، على سبيل المثال، يموت السلاف منها، لكن الأنجلو–ساكسون لا يموتون”، أوضح نيكولين.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الروسية إن الحقائق التي تم اكتشافها مؤخرا تؤكد أن مخاوف روسيا بشأن العمل على برنامج أسلحة بيولوجية لأغراض عسكرية في علاقة بالولايات المتحدة كانت في محلها. وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بأن ما أعلنت عنه موسكو حول المختبرات البيولوجية في أوكرانيا قرب الحدود الروسية، تأكدت كذلك في كلمة نائبة وزير الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، التي أقرت بوجود “منشآت أبحاث بيولوجية”.
وأضافت زاخاروفا أن “ما تم اكتشافه في هذه الأيام أكد صحة مخاوفنا التي عبرنا عنها مرارًا، فيما يتعلق بتطوير الولايات المتحدة على أراضي أوكرانيا لمواد بيولوجية للأغراض العسكرية وتحت رعاية جهاز الاستخبارات الأميركية”.
وكانت نائبة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، قد حذرت من سيطرة روسيا على “منشآت أبحاث بيولوجية خلال عمليتها العسكرية في أوكرانيا”. وقالت نولاند، خلال جلسة استماع في الكونغرس، ردا على سؤال حول ما إذا كانت في أوكرانيا أسلحة كيميائية أو بيولوجية: “تتوفر لدى أوكرانيا منشآت خاصة بالأبحاث البيولوجية. نحن قلقون من أن القوات الروسية يمكن أن تحاول بسط السيطرة عليها. ونعمل مع الأوكرانيين على تمكنهم من منع وقوع أي من هذه المواد في قبضة القوات الروسية”.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد عكفت خلال السنوات السابقة على العمل في برنامج بحث سري في مجال الاسلحة البيولوجية قال عنه مسؤولون أميركيون إنه يخرق حدود اتفاقية حظر مثل هذه الاسلحة. ويحظر اتفاق عام 1972 على الدول تطوير الاسلحة التي تنشر الامراض أو الحصول على مثل هذه الاسلحة، غير أن الاتفاق سمح بالعمل في مجال التحصين والاجراءات الوقائية الاخرى.
الجدير بالذكر أن اثنين من المشاريع التي اكتمل العمل فيها خلال ادارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون ركزا على تقنيات صنع الاسلحة الجرثومية. وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) قد ركبت وجربت، ضمن برنامج اطلق عليه «الرؤية الواضحة»، نموذجًا للقنبلة الجرثومية التي صممتها روسيا والتي يخشى مسؤولو الوكالة أن يكون قد جرى بيعها في السوق العالمية. واضاف مسؤولو الوكالة أن نموذجها للقنبلة الجرثومية يفتقر الى جهاز فاصم والاجزاء الاخرى التي تجعل منها قنبلة ذات فعالية كاملة. وكان خبراء بوزارة الدفاع الأميركية قد ركبوا مصنعًا لإنتاج الجراثيم في صحراء نيفادا من مجموعة مواد متوفرة في السوق. وقال مسؤول في الوزارة إن المشروع يوضح السهولة التي يمكن ان تبني بها مجموعة ارهابية أو دولة معادية لأميركا مصنعًا ينتج كميات من الجراثيم القاتلة.
وكانت المخاوف بشأن انتشار الاسلحة الجرثومية قد تعمقت بازدياد الارهاب الموجه ضد الولايات المتحدة بالإضافة الى التقدم الكبير الذي حدث في مجال هندسة الجينات، علاوة على أن انهيار الاتحاد السوفياتي كان قد أدى الى ترك آلاف الخبراء في مجال الحرب البيولوجية بدون عمل أو مرتبات، إذ بات من الممكن تشغيلهم بواسطة أي جهة تعتزم تطوير هذا النوع من السلاح.
رجع مصطلح الحرب البيولوجية ليثار من جديد بعد اجتياح جائحة كورونا وتبادل الاتهامات بين الدول الكبرى حول استخدام الوباء سلاحًا موجهًا ضد الدول التي انتشر فيها، وأخرى تشير إلى أن انتشار الفيروس سببه فقدان السيطرة عليه أثناء القيام ببعض الأنشطة البحثية البيولوجية السلمية. وقد أثار هذا الأمر العديد من الأسئلة حول موقف القانون الدولي في حالة استخدام المواد البيولوجية كأسلحة موجهة، وموقفه من استخدامها للأغراض البحثية السلمية، والجزاء المترتب على إساءة استخدامها.