لم تترك السياسة قضية من قضايا هذا الوطن إلا وتركت فيها بصمة من بصَماتها. هي لعبة لا قواعد لها ولا مبادئ فيها. حكمُها نافذ على البشر والحجر، وحليفك اليوم، ربّما يكون خصمك غدًا.
وكغيرها من القضايا التي لا تُعدّ، كان لقضية تجارة وإدمان المخدرات نصيب وافر من التدخلات السياسية التي لم يكن لها من هدف سوى إثارة الفتنة وتوجيه الاتهامات الباطلة الملوّنة بالحقد والكراهية، لفئة كبيرة من أبناء هذا الشعب، وللبيئة الخاصة بها، في محاولةٍ لتشويه صورتها وتحقيق أهداف أطراف سياسية خارجيّة.
الحرب الإعلامية مجددًا
ضجّت وسائل الإعلام بالأخبار التي تحدّثت عن عمليات تهريب للمواد الممنوعة المصنّفة تحت تسمية مخدرات إلى العديد من البلدان لا سيما العربية منها. وما إن انتشر الخبر حتى بدأت الاتهامات والتصويبات السياسية تنهال على حزب الله والبيئة المؤيدة له من كل ناحية وصوب.
هذه الاتهامات والشائعات التي يدفعون في سبيلها الكثير مما يغدقه عليهم أسيادهم من أموال فتنة، لم تكن جديدة ولن تكون الأخيرة، إذ اعتاد الحزب على مثل هذه الحرب الإعلامية القائمة على الكذب والافتراء منذ فترات طويلة.
ولعلّ هؤلاء الناعقين لم يطّلعوا على تاريخ المخدرات في لبنان، والفترات التي شهدت ازدهارًا لزراعة الحشيشة، وعن مدى نفوذ تجارها، والمقصود تحديدًا فترة الحرب الأهلية التي سبقت نشوء حزب الله، وكانت هذه الفترة، الأساس في امتداد هذه الآفة وتفاقمها حتى يومنا هذا.
ومن ناحية أخرى، لا بد من التذكير أن قرار القضاء اللبناني لم يكن يومًا بيد حزب الله، ولا تحت سيطرته، بل على العكس من ذلك إذ إن سلطة القضاء غير المستقل، مستغلّة من قبل أحزاب سياسية معروفة، تتحكم وتوجّه وتفبرك القرارات والأحكام بما يتناسب مع مصالحها المحلية ومصالح الأطراف الخارجية المهيمنة المرتبطة بها، والشواهد على ذلك كثيرة وواضحة وضوح شمس النهار.
من ناحية أخرى، تندرج هذه الاتهامات والفبركات ضمن موجة الحرب الإعلامية التي شنّها بعض شركاء الوطن قبل الأعداء، في محاولةٍ لاستغلال الموقف وتشويه الصورة، وتحريض البيئة وإضعاف القوة والإرادة. وهذه الأهداف هي وجه من وجوه الحرب الكبرى التي يشنها العدو الشيطاني الأكبر.
المقاومة الإعلامية بالمرصاد
لا تقلّ أهمية ما تتعرض له البيئة الشيعية اليوم من اتهامات وأحكام باطلة، عن غيرها من مظاهر الحرب والعدوانية، لكن الفارق اليوم يكمن في الوسيلة وليس في الهدف.
وأمام هذا الواقع، لا بد من الاستعداد والتنظيم وتحديد سبل المواجهة، والعمل عليها بكل ما أتيح من قدرات ووسائل وإمكانيات، وهذا الأمر هو ما يتم العمل عليه فعليًا، إذ لا بد من تكثيف الجهود والمثابرة والدفاع الدائم عن الصورة الأصيلة لهذا النهج وهذه البيئة، فالوقائع تبيّن أن الثقة في بعض شركاء الوطن هي في اندثار يومًا بعد يوم، وأن كلّ شيء في ربوع هذا الوطن متوقّع حصوله!
لم يرتوِ أصحاب الفتن في هذا البلد من الحقد بعد، ولم يكتفوا بما فعل أسيادهم من خراب ودمار في كل ناحية من نواحي هذا الوطن، وقضية المخدرات هي واحدة من القضايا التي وجهت أصابع الاتهام فيها لحزب الله تمامًا كما وجهت في قضايا سابقة، وستوجّه في قضايا لاحقة. لكن، ألم يكفهم بعدُ هذا الكم الهائل من الحقد والدم والفتنة والخيبة والهزيمة؟
هؤلاء قوم اعتادوا الذل، وتجرّعوا كؤوس الخيبة مرارًا، وارتدوا ثوب الحماقة، ولا شيء مستبعد عنهم لاحقًا إذا قادهم غباؤهم لاتهام حزب الله بإحداث ثقب الأوزون مثلًا!