حياة مروة – خاص الناشر |
يعتبر نظام “سويفت” شريانًا ماليًّا عالميًّا ونظام مراسلة آمنًا تستخدمه آلاف البنوك بهدف إجراء تحويلات لتسوية معاملات عملائها، أو تبادل الأوراق المالية، الأسهم، والسندات.
تعمل “سويفت” كمنصة تعاونية مصرفية تتمتع بالحياد وتعتمد على الرسائل الموحدة مما يتيح الاتصال السريع والسري وغير المكلف بين المؤسسات المالية.
بدأ نشاط هذا النظام رسميًّا عام 1972 وهو اختصار لاسم “جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك” society for worldvide interlank Eimancial telecommunications، يشرف عليه البنك الوطني البلجيكي بالشراكة مع البنوك المركزية الكبرى في جميع أنحاء العالم بما في ذلك بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي وبنك إنجلترا. وهو نظام بمثابة تعاونية لا تهدف إلى الربح تقوم بتقديم خدمة المراسلات الخاصة بالمدفوعات المالية على مستوى عال من الكفاءة وبتكلفة مناسبة، كما ويوفر الحماية والسرعة الكاملة للتعاملات المالية ومتابعة تسليمها للجهات المعنية.
ويعتبر نظام “سويفت” مملوكًا بشكل مشترك لأكثر من ٢٠٠ بنك ومؤسسة مالية، يصدر أكثر من ٤٠ مليون رسالة يومية، ويتسم بحسب مبادئه بعدم الانحياز لأي طرف نزاع، فشبكته عبارة عن نظام معلوماتي تتسم بأنها خط الأنابيب الذي يربط النظام المالي العالمي ببعضه بعضًا، فلا يمكن نقل الأموال بدونه عبر الحسابات المصرفية، ويعتبر مسؤولًا عن أكثر من نصف المدفوعات العالية القيمة عبر الحدود حول العالم ويخضع للنظم الوطنية والدولية.
يصنف نظام “سويفت” من أقوى الأسلحة المالية التي يمكن أن تعاقب به دولة، فهو يلعب دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد العالمي، وبحسب الاتفاقية الموقعة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يتجاوز دوره الإطار المالي بحيث يسمح لخدمات الخزانة الأميركية بالوصول إلى البيانات المصرفية للأوروبيين عبر الشركة بهدف مكافحة الإرهاب.
نظام ” سويفت” بين العقوبات والدول المحركة له من يدفع الثمن؟
وفقًا لشركة “روسنفت” الوطنية الروسية تعد روسيا ثاني أكبر دولة بعد أميركا من حيث مستخدمي نظام “سويفت” حيث تنتمي حوالي ٣٠٠ مؤسسة مالية روسية إلى النظام.
إن قرار العقوبات المفروض على روسيا يعد بمثابة ضربة مزدوجة حيث شاركت دول عديدة بهذا القرار(المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، المفوضية الأوروبية، فرنسا، ألمانيا، ايطاليا وكندا) عبر بيان مشترك يساهم بعزل روسيا على خلفية هجومها على أوكرانيا. وقد تضمن سلسلة من الاجراءات منها عزل مصارف روسية ما يضمن إزالتها من النظام المالي العالمي، وفرض اجراءات تقييدية تمنع البنك المركزي الروسي من نشر احتياطاته الدولية، بالإضافة إلى الحد من بيع الجنسية (ما يسمى بجوازات السفر الذهبية)، وتجميد أصول الأفراد والشركات الخاضعة للعقوبات ضمن ولايات هذه الدول.
تعتمد روسيا على هذا النظام بشكل كبير في صادراتها الرئيسية من النفط والغاز ما يحد من وصول روسيا إلى احتياطاتها الخارجية ويسهم بزيادة عزلتها عن النظام المالي الدولي، والحد من استعمال “بوتين” لهذا الاحتياط الذي يزيد عن ٦٣٠ مليار $، عدا عن شل تجارتها في معظم دول العالم، وبالتالي ينعكس الأمر سلبا بطبيعة الحال على الدول المشاركة بفرض العقوبات عبر إلحاق الأذى بالشركات والبنوك وبالتالي ازدياد كلفة المعاملات.
وفي حين أن العقوبات قد شملت حوالي ٧٠% من البنوك الروسية المندمجة بعمق بالنظام المالي العالمي فإن خروج روسيا سيؤدي إلى خسارة دول الاتحاد الأوروبي خاصة من خلال تعاملها بقطاعات الطاقة مما يشكل حتمًا صدمة للاقتصاد العالمي.
مما لا شك فيه أن روسيا عملت على ايجاد سبل تستطيع عبرها انقاذ نفسها في حين أنها تشكل ١.٥% من حجم المدفوعات لدى ” سويفت” حيث تعد السادسة عالميا من حيث الرسائل، إلا أنها قامت بخطوات أخرى حيث عملت على إيجاد نظم بديلة للحد من الخسائر الاقتصادية، فعلى سبيل المثال أنشأت نظام SPFS عام ٢٠١٤ على خلفية تهديدات واشنطن بطردها من النظام بعد أزمة شبه جزيرة القرم، كما وأنشأت بنيتها التحتية المالية الخاصة بها كالمدفوعات ببطاقات “مير” التي تهدف إلى أن تحل محل بطاقات “فيزا” و”ماستر كارد”
وبطبيعة الحال قد تضطر روسيا للتحويل عبر مؤسسات كبرى متعددة الجنسيات غير خاضعة للعقوبات كبديل لما تمر به في هذه الأزمة، وبسبب صعوبة التواصل أيضًا مع دول صديقة لها مثل الصين، ما يجعلها أمام خيارات عديدة تحاول إنقاذ نفسها بها.
وتبقى الاشكالية حول مدى صمود روسيا في وجه هذه العقوبات كما ومدى استمرار هذه الدول في وجه روسيا ما ينعكس على مصالحها الذاتية في آن.