الصين تتوقّع حربًا إعلامية أميركية ضدّها وتتوعّد بردود فعل قوية

في وقت سابق من هذا الشهر، أقرّ مجلس النواب الأميركي “قانون تنافس أميركا” (America Competes Act)، وهو مشروع قانون يركز على إنتاج أشباه الموصلات وسلاسل التوريد في الولايات المتحدة. إلا أن الصين نظرت بريبة وتوجّس إلى هذه القانون، وانتقدته بشدّة أعلى هيئة تشريعية في الصين التي تتوقّع أن تُستهدف بحملة إعلامية أميركية شرسة ربطًا بالجهود الأميركية لمواجهتها، والتي يأتي هذا القانون من ضمنها.

بالنسبة للجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، فإن “قانون تنافس أميركا لعام 2022″، الذي أقرّه مجلس النواب الأميركي مؤخرًا، “غارق في عقلية الحرب الباردة وعقلية اللعبة الصفرية، ويشوه مسار التنمية في الصين وكذلك سياساتها الداخلية والخارجية”، وهو “تحت غطاء تعزيز القدرة التنافسية للولايات المتحدة، يهدف إلى كبح وقمع الابتكار والتنمية في الصين، والحفاظ على الهيمنة العالمية للولايات المتحدة”.

ولا تستغرب بكين أن يتضمن مشروع القانون المذكور إجراءات لمساءلتها على ما يسمى بالإبادة الجماعية والسخرة، وفقًا لما ذكرته رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، علمًا أنه يخصّص 500 مليون دولار على وجه التحديد لوسائل الإعلام لتشويه سمعة الصين.

يكرر القانون هذا ما ورد في قانون الابتكار والمنافسة الأميركي لعام 2021، وهو مشروع قانون آخر متشدّد ضد الصين أقرّه مجلس الشيوخ الأميركي في العام الماضي، وسمح بتخصيص 300 مليون دولار لكل سنة مالية حتى عام 2026 لمواجهة “تأثير الصين على مستوى العالم”.

وبحسب مايكل د. سوين، الباحث في مجال الدراسات الأمنية الصينية ومدير برنامج شرق آسيا في معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول (مؤسسة بحثية وفكرية)، فإن مشروع قانون مجلس الشيوخ الأميركي يعد بمثابة “إعلان خطير لحرب باردة على الصين”، و”يجسّد أسوأ أخطاء إجماع واشنطن الجديد حول ما يفترض أن تعنيه صين صاعدة”، ويحتوي على “توصيات بسياسات محصلتها صفرية بشكل يكاد يكون حصريًا (وفي بعض الحالات خطيرة)”.

في الواقع، تعكف واشنطن على تنفيذ خطط معقّدة للترويج لما يسمى بروايات “التهديد الصيني” و”مكافحة التضليل الصيني” من خلال مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، ووكالة الإعلام العالمي، وهي هيئتها الحكومية المعنية بالإعلام الموجه للخارج.

ففي أيلول 2021، كشفت صحيفة “هيرالد”، أكبر صحيفة يومية في زيمبابوي، أن الولايات المتحدة تموّل وتدرّب صحفيين محليين لإنتاج تقارير معادية للصين، وتشويه سمعة الاستثمارات الصينية. وذكر التقرير، الذي يحمل تفاصيل حصرية، أن بعض الصحفيين العاملين بوسائل الإعلام الخاصة طُلب منهم أن يصوروا الشركات الصينية المستثمرة في زيمبابوي على أنها “تلحق ضررًا بالمجتمعات والبيئة والعمّال”، مقابل الحصول على ألف دولار لكل مقال من السفارة الأميركية. وجاء في المقال إن “مسؤولي السفارة الأميركية تفاخروا خلال ورشة العمل بأنهم قاموا في السابق برعاية مؤسسات إعلامية بشأن ما يسمى بقضايا المساءلة”.

نشْرُ معلومات مغلوطة والتلاعب بالحقيقة حول الصين ليس بالأمر الجديد بالنسبة لوسائل الإعلام الغربية، ونقلت مجلة “أميركان بروسبكت” عن توبيتا تشاو مدير منظمة “العدالة عالمية”، التي تدعو إلى اقتصاد عالمي أكثر إنصافًا، قوله “إذا كانت الحكومة تحدّد مسبقًا في التشريع ما ستكون عليه النتيجة ومحور التغطية، فهذا ليس أهلًا لأن يعتبر حقًا صحافة حقيقية”.

وفي أيلول 2021، أعلن خافيير غارسيا، الذي عمل من قبل رئيسًا لمكتب وكالة الأنباء الإسبانية “إي إف إي” في بكين، ترك العمل بالصحافة لأن “الحرب الإعلامية المحرجة ضد الصين قد استهلكت حماسي لهذه المهنة”. وقال الصحفي المخضرم الذي خدم في هذه المهنة لأكثر من 30 عامًا إن “التلاعب بالمعلومات صارخ، مع وجود عشرات الأمثلة كل يوم”، مضيفًا أن “أي شخص يجرؤ على مواجهة ذلك أو يحاول الحفاظ على الموضوعية والمواقف المحايدة سيُتهم بأنه يتقاضى رواتب من الحكومة الصينية أو أسوأ من ذلك”.

تعتبر الصين أن التهوّر الأميركي المتزايد تجاهها، قد يدفع واشنطن إلى القيام بأي خطوة مهمها بلغت خطورتها. إلا أنها تحثّ واشنطن على النظر إلى التنمية في الصين بطريقة موضوعية وعقلانية، وحماية العلاقات الصينة- الأميركية عبر اتخاذ إجراءات ملموسة. لأن “أي محاولة صارخة للتدخّل في الشؤون الداخلية للصين والإضرار بالمصالح الأساسية للبلاد، ستقابَل بردود فعل قوية”، بحسب المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، وهي أعلى هيئة تشريعية في الصين.

اساسيالصيناميركاالولايات المتحدة