كنا صغارًا حين أتت الثورة إلينا. صغارًا لا نقوى على الوقوف، تأكلنا نار الحرب الأهلية، وتلتهمنا آلة حرب العدو، فتأخذ ارضنا وإنساننا ولا شيء يقف في وجهها.
كنا نفتح أعيننا على حلم أن نرى الخبز بين أيدينا نظيفًا من الذل. أن نتعلم حيث لا نخاف من دسائس الكذّابين بين السطور. أن ننام بأمان وهناك عين تحرسنا.
حين أتت الثورة إلينا ذات يوم، كانت تحمل صورة الخميني. شيخ يشبه تلك القصص التي روتها جداتنا عن نور الأنبياء، وحكمة الأوصياء، وعن رجال لم يشرب التاريخ من مائهم ولم يدخلوا في كراريس مدارسنا.
حين أتت الثورة إلينا، كنا ضعافاً فقوينا بها، كنا وقودًا لمشاريع لم نكن نحن منها، ولم تكن هي منّا، لا تشبهنا في أهدافها، ولا في سلوكها، ولا هي تريد المستقبل لنا. لكن تلك الثورة وجّهت بوصلتنا، عادت بنا مئات السنين في التاريخ الى منابع الحق وصراعه الأبدي مع الباطل، وأخذت بأيدينا الى حيث العزة والمنعة والاستقلال والحرية والمستقبل الآتي على جواد الأمل الموعود.
عندما أتت الثورة إلينا، رأينا رجالها يشبهون أصحاب الحسين، الذين سمعنا قصصهم في مجالس عاشوراء؛ اخلاق رفيعة وايمان وتواضع وتضحية لا حدود لها. يكفي أن هؤلاء الرجال (رجال الحرس الثوري) الطيبين تركوا الاهل وجاؤوا إلينا لينصرونا، لينشلونا من الضعف والقهر الى حيث نستطيع أن نقف في وجه كل أعدائنا، نقف وننتصر، وكما قال إمامنا الخامنئي “كنا أمواتًا فأحيانا الامام”.
تلك الثورة وإمامها، مشروعنا الذي صغناه بحروف ودماء، وأعطيناها خيرة رجالنا، منارات صرنا نهتدي بها من الشيخ راغب الى السيد عباس ومواكب الشهداء الكثيرة، التي صرنا نهتدي بها لنميز الحق من الباطل.
حتى لو لم يعجب الكثيرين هنا، ممن كانوا يريدوننا أمواتًا ليحققوا مشاريعهم، او عبيدًا وخدمًا في مملكتهم، فإن الثورة الاسلامية في ايران أحيتنا.
تلك الثورة التي نحتفل بها اليوم تستحق أن يكون كل يوم عيدًا لها.