بعد أشهر من محاولة حزب الله تقريب وجهات النظر بين حلفائه، ولا سيما بين أمل من جهة وبين التيار الوطني الحر من جهة أخرى، تمكّن الحزبُ أخيرًا من انتزاع موافقة ثنائية على خوضهما الانتخابات على لوائح مشتركة.
مع بداية التحضيرات للانتخابات النيابية كان حزب الله قد اتخذ قراره بشأن تحالفاته الانتخابية، والتي يعتبرها ثابتة بثبات علاقاته مع حلفائه، إذ إنه يعتبر حلفه مع حركة أمل أكثر من ضروري لضمان احتكار المقاعد النيابية الشيعية في كل الدوائر، كما وإنه يعتبر تحالفه مع التيار الوطني الحر أكثر من استراتيجي، وسط كل ما تقوم به اميركا والدول الخليجية لمحاصرة المقاومة عبر اضعاف حليفها الاقوى مسيحيًّا. لكن الخلاف بين التيار وأمل ظلّ عقدة الحزب الذي عقد اجتماعات مكثفة مع الطرفين كلًّا على حدة، لمناقشة سيناريوهات الانتخابات النيابية والتحالفات، ليظهر أن أسوأها يتمثل بخوض التيار الوطني الحر الانتخابات وحده، ما يعني حكمًا افساح المجال امام احتمالية الخرق في المقاعد المسيحية.
بعد أخذٍ ورد، تؤكد مصادر أنّ حزب الله أخذ وعودًا من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والرئيس نبيه بري بضرورة تدوير الزوايا وتهدئة الخطاب في مرحلة الاستحقاق الانتخابي، كما وأنه سيصار الى تفاهم حول الدوائر كافة في لبنان مع الحليفين بدرجة اساسية والحلفاء الآخرين كافة بدرجة ثانية.
وبحسب المصادر، فإنه وبرغم بعض الدلع الذي يمارسه الحلفاء، فإن القرار اتخذ بالتحالف في الدوائر كافة، وتحديدًا في الدوائر التي يشكل فيها التحالف فارقًا، كدوائر بعبدا، جزين-صيدا، زحلة والبقاع الغربي، كما لدعم الاصوات الشيعية لمعركة التيار في عدد من الدوائر الاخرى كدائرة الشوف-عاليه.
ففي دائرة بعبدا، يضمن التيار مقعدًا مارونيًّا بأسوأ الاحوال، ويتنافس حول الثاني بمواجهة القوات التي تتحالف مع الاحرار والاشتراكي، ولربما ينجح التحالف مع مجموعات المجتمع المدني، لكن بتحالف الوطني الحر مع الثنائي، يمكن أن يحصل على المقعد الماروني الثاني، ومن دونه لا يمكن أن يحصل سوى على مقعد ماروني واحد.
أما في دائرة صيدا-جزين، وفي ظل غياب مرشحٍ سنّي منافس حتى اللحظة، فإنّ أي لائحة مدعومة من الحزب وامل والتيار، ستضمن فوزها بالكامل، وبالتالي سيضمن التيار مجددًا فوزه بمقعدين مسيحيين، على ان تحافظ امل على مقعدها المسيحي (ابراهيم عازار)، على أن خيار الحليف السنيّ في تلك الدائرة سيكون رهن المشاورات مع حلفاء الحزب السنّة من جهة، وحلفاء التيار من جهة اخرى.
اما دائرة زحلة، فستشهد معركة حقيقية على المقاعد المسيحية تحديدًا، وبالتالي فإن تحالف التيار مع الثنائي سيضمن احتفاظه على الاقل بمقعده المسيحي، في ظل غياب اي حاصل لأي طرف من دون تحالفه اما مع المستقبل (كالقوات) او من خلال تحالفه مع الثنائي (كالتيار).
في البقاع الغربي، لا شك أن تحالف التيار مع ثنائي امل وحزب الله سيؤمّن له مقعدًا في هذه الدائرة غير المقعد الذي حصل عليه عام ٢٠١٨ والذي فاز به ايلي الفرزلي يومها، لكن التحالف هذه المرة قد يرفع حظوظ الثنائي والتيار بالحصول على مقعد سني (ولربما المقعدين السنيين)، مقعد شيعي، مقعد ماروني وآخر اورثوذكسي.
في دائرة الشوف عاليه، تدور معركة كبيرة على ٥ مقاعد مسيحية، لا سيما بعد التحالف الذي عقدته القوات مع الحزب الاشتراكي، لكن تبقى للتيار حيثيته الانتخابية التي تضمن له ثلاثة مقاعد مسيحية على الاقل، لكن بمساندة الاف الاصوات الشيعية، ستكون للتيار حظوظ كبيرة بالحصول على مقعد اضافي وربما اكثر، كما إن المعركة على صعيد الدائرة، بما فيها المقاعد الدرزية، تحتاج الى تكاتف بين حلفاء التيار لزيادة حظوظ النائب طلال ارسلان في توسيع كتلته النيابية، لا سيما بعد انضمام الوزير السابق وئام وهاب الى الحلف الانتخابي، وما سيسهل المهمة، غياب اصوات المستقبل عن لوائح تضم مرشحين للقوات.
لا يزال يحتاج المشهد الانتخابي الى مزيدٍ من الوقت لحسم التحالفات والمعارك، لكن الارقام التي اصبحت بين ايدي الاحزاب اللبنانية والسفارات الاجنبية المهتمة بالانتخابات النيابية تؤكد أن تحالف حزب الله، وامل، والوطني الحر سيحفظ احجام الكتل النيابية لكل من حزب الله وحلفائه.