لطالما قمع آل سعود الحرّيات بحد السيف، فقد تعوّدت مملكة الباطل أن تبسط سيطرتها على شعبها بقطع الرؤوس والألسن لكل مَنْ يجرؤ ويعبر عن رأيه. وتسعى المملكة لفرض سياستها بكم الأفواه على الدول والشعوب العربية كافة. عليك الانصياع للأوامر وعدم الاعتراض أو رفض أي عرض تقدمه السعودية وإلّا أصبحت عدوًا يستحق العقاب والإهانة. وهذا ما حصل مؤخرًا مع الممثل المصري محمد صبحي.
يعتبر الفنان محمد صبحي أحد أعمدة المسرح في مصر. قدّم عددًا من المسرحيات التي تعدّ علامة مميزة في تاريخ المسرح العربي بالإضافة لبعض الأعمال السينمائية والتلفزيونية، وتصنف جميع أعماله بأنها ذات قيمة هادفة تحمل رسالة ثقافية توعوية.
رفض صبحي مؤخرًا دعوة السعودية لعرض مسرحيته ” خيبتنا” مقابل أربعة ملايين دولار في موسم الرياض تحت عنوان الترفيه، مصرّحًا لقناة الحدث اليوم المصرية “أرفض السفر بعمل فني في السعودية لأني لا أقبل كفنان أن أقدم فنًا تحت عنوان الترفيه. أنا مش مرفهاتي. الفن فيه جزء من الترفيه والمتعة …”.
قابل تصريحات صبحي الكثير من الانتقادات والهجوم خاصة من رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ الذي نشر في تغريدة له: “والله أنا أبي أعرف إلي عرض الملايين عليه نبي نكشف على قواه العقلية…”. كما قال الصحفي توفيق الخليفة: “محمد صبحي لا قيمة له في الوطن العربي وليس نجم شباك والمنتجون لا يريدونه فهو مجرد زائدة دودية في الفن…”، ليعلق تركي آل الشيخ: “هو مشخصاتي يا أخ توفيق..”، ليرد صاحب يوميات ونيس بكل احترام على العنجهية السعودية قائلًا: “لم أسئ للسعودية بأي شكل من الأشكال… وتعرّضت لهجوم في مصر عندما صرحت بأنني سعيد بالطّفرة التي حصلت بالرياض خلال عام واحد”، أما بخصوص تصريحات تركي آل الشيخ فقال صبحي: “لا أحب أن أرد على مثل هذه التصريحات”.
يواجه الفنان محمد صبحي اليوم حملة من التّشويه والتطاول سببها تعنّت آل سعود ورفضهم لحرية نجم مصري بقبول أو رفض تقديم عرض مسرحي في الرياض. وهذا إن دلّ على شيء هو يدل على تحجّر عقلية تركي آل الشيخ وأزلامه ممن يدعون الثقافة والتطوّر في هيئة الترفيه الزائفة التي ابتدعوها لشراء النجوم العرب، وينفع أن نطلق على بعضهم نجوم البلاط السعودي. كما أن صبحي لم يلقَ أي دعم من زملائه المصريين الذين قاموا بمدح تركي آل الشيخ وتقديم واجب الطّاعة له خلال حفلة توزيع الجوائز “جوي” في الرياض.
لم يكتفِ تركي آل الشيخ بإهانة النجم محمد صبحي بل قام أيضًا بإيقاف عرض مسلسل “منورة بأهلها” (تأليف محمد أمين راضي، إخراج يسري نصر الله) الذي كان من المفترض عرضه على منصة شاهد. فوجئ المتابعون بإلغاء المسلسل من أصله قبل نحو 8 ساعات من انطلاق العرض. تبدو رسالة آل الشيخ واضحة وهي اعتماد سياسة القمع على شركات الانتاج والممثلين المصريين بهدف الضغط على صبحي للاعتذار من آل سعود خاصّة بعدما نشر صبحي عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي مشهدًا من مسلسله “رجل غني فقير جدًا” معلّقًا “والمعنى من المسلسل ما قيمة أن يكون الرجل غني بماله، وفقير بعلمه وأخلاقه، أشفق على جاهل يتألم من جهله”. وإن تفاقم الأزمة قد يؤدي إلى منع عرض الإنتاجات الدّرامية المصرية في شهر الصوم بأمر من هيئة الترفيه.
مارس تركي آل الشيخ تسلّطه منذ تسلمه ” هيئة الترفيه العامة” حيث أصدر الكثير من القرارات الصّارمة ومنع عرض بعض البرامج، كما أوصى فريقه بمراقبة تغريدات الفنانين وتصريحاتهم ورصد أي خبر يأتي على ذكره. ويبقى السؤال هل سترضخ مصر لسياسة آل سعود القمعيّة وتضحي بأحد رموز المسرح الثقافي، أم ستجبر صبحي على الاعتذار مقابل الضغط السّعودي؟