التضليل: كرة السفارات “المنفّسة”

منذ انطلاق حملة “نحمي ونبني” الانتخابية الخاصة بكتلة الوفاء للمقاومة وسهام الخبث تنهال عليها، وهذا كان متوقعا ضد حزبٍ بحجم حزب الله المحلي والإقليمي والأممي، لا لشيء إلا لأنه يخرج شامخًا بعد كل محاولات الإخضاع للهيمنة الأميركية – الإسرائيلية – الخليجية، وليس آخرها “دفتر الشروط الكويتي”.

لعلّ أخبث ما قيل وسيُقال “أنا مع الحزب ضد أميركا وإسرائيل بس ضدو بالخيارات السياسية الداخيلة”. جهبذة هؤلاء تنمّ عن طرفي كتاب ورشفة وجلسات تشرينية يعتريها اليأس والموت.

كيف لعاقل أن يحمل الشيزوفرينيا بين كتفيه متفاخرًا؟ أن يؤمن بالحزب وبخصومته في آن، في نفس النقاش؟ تضليل الرأي العام يبدأ من نسف أو التعمية على مسلسل رفض كتلة الوفاء للمقاومة منذ التسعينيات لكل السياسات الضريبية والمالية التي انتهجها حلفاء الحزب وخصومه (الذين كان منهم مَن يعترض عليها سابقًا – قبل أن يشتري لهم رفيق الحريري خُرجًا مزركشًا- بطرس حرب مثالًا)، ولم تصوّت الكتلة على أي موازنة لا للحريري الأب ولا الابن ولا بعدهما باستثناء موازنة حكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة يوم 22-07-2019 حيث اعتُبِرت سابقةً في التاريخ اللبناني والحزب خصوصًا. من هنا ندخل إلى عمل الكتلة النيابي ونصعد درجةً في سلّم المُساءلة. عشرات اقتراحات القوانين التي تصبّ وتخدم مصالح الناس والمُستضعفين، أهمها قانون رفع السرية المصرفية عن الحسابات المصرفية لكل الذين تولوا شأنًا أو مركزًا في إدارات الدولة المسخ، وقانون الكابيتال كونترول الذي دعمته الكتلة وأسقطه تواطؤ حزب المصرف من الخصوم والحلفاء، إلى الجلسة الشهيرة التي صاح في بريّتها النائب المقدام حسن فضل الله، عن هدر المال العام في الإدارات والمؤسسات الرسمية، إلى محاولة تنحية الحاكم بأمر وزارة الخزانة الأميركية “رياض بيه سلامة” واستبداله بالوزير السابق منصور بطيش. ثم لا نقف عند عرض سماحة الأمين لمساعدة وزارة الاقتصاد ومؤازرتها في ضبط الأسعار ومحاربة الاحتكار، وقبلها بعامين تقريبًا حيث توجّه للأجهزة الرسمية والقضائية والأمنية المعنية بالتحقيقات في كل ملفات الفساد “بلشوا من عنا وما تنطروا قانون رفع الحصانة أنا رفعتها من هلأ”، وكان يرمي حينها إلى التدقيق الجنائي المالي، ثم تكوين وتجهيز ملفات “تطيح بالرؤوس والأزلام والمنتفعين من خزينة الدولة”.

كم وكم في السنوات القليلة الماضية من اقتراحات تقدم بها ومن أعمال قام بها الحزب ونوابه ووزراؤه؟ هل يجرؤ “كركوز تشريني” أن ينتقد أداء الوزير “التكنوقراط المستقبلي” فراس الأبيض؟ هل تعلم “كركوزة المقاهي” ما نهبه حزب الكتائب منذ 30 سنة من مالية الدولة؟ الفشل الذي أصاب الوزارت التي تسلمها “حزب القوات اللبنانية” بين الصحة والشؤون الاجتماعية، من المنصف الذي يوازن، تحت أكذوبة الأنجأة “كلن يعني كلن”، بين عمل وأداء الحزب التقدمي الاشتراكي -المستولي على الأملاك البحرية- وعمل وأداء وزراء ونواب حزب الشرف الإلهي؟ الأخبث هو طمس أداء وزراء الحلفاء بنظافة الحزب وكأن المطلوب من السيد حسن نصر الله أن يخرج بسلاحه “الدقيق” على الحلفاء فيبيدهم. هنا نسأل هل هادن أمير المؤمنين(ع) الخلفاء الثلاثة لضعف؟ هل صالح الإمام المجتبى(ع) لقلة التدبير والعمى الإستراتيجي؟ أم لماذا اعتمد أبو عبد الله الحسين(ع) الصبر حتى سنة 61 للهجرة؟

التنظير في الدم هو إخفاء لجبن منظري المقاهي، ونفاقهم، هم الذين اشتروا نجاحهم في الجامعات عبر مندوبي الأحزاب، واستنسخوا الشعارات عن الثورات، ولعقوا أحذية الجمعيات، واستفادوا من حشو التوظيفات، ويحاضرونك بنصاعة الكفوف وبياض الوجوه، ويقذفون غيرهم بالتستر على الفاسدين، ويصدعون رأسك بحرية الرأي والتعبير، ثم تراهم عند مخالفتك رأيهم -السياسي- يسخرون ويستهزئون بمعتقداتك ولبسك وقرويّتك وإلباسك ما لست فيه، ويا لتكرار الصدفة “لا يشتمون أم الإرهاب الاقتصادي والعسكري أي الإدارة الأميركية – الإسرائيلية”، وتراهم يبتلعون عقد ألسنتهم عندما تقصف الطائرات الحربية الصهيونية حاويات حليب الأطفال والأدوية الإيرانية في ميناء اللاذقية مرتين، بل يطلقون العنان لحناجر صفحاتهم تسخيفًا للحصار والعقوبات والمؤامرة الأميركية المفروضة منذ أن سُحِقت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر.

هؤلاء الدواعش المهندمون المهفهفون سيفرون من القتال عندما تلتهب فوهات البنادق والمرابض، في السلم أسود كواسر وضباع ضوارٍ وفي الوغى قططُ الأدراج بلا مخالب، طالما أن الدم لا يستثيرهم. الذي يقاوم في السياسة يقاوم بالرصاص والمدافع، يقاوم في خلع اليأس، في عدم تثبيط وتوهين بيئته ومجتمعه، المقاوم لا يدلِّس، لا يدس سم عجزه وفشله أمام تعاظم ونجاح الآخرين في عسل الشعارات والحمية. أما المتنفعون الذين لا قضية لهم، الذين يضربون بسيف “طال عمره”، حجيج سرعة الإنترنت وتلون الإنارة ووسع الأوتوسترادات في الخليج، وأفواج المجولقين في المواخير الخليجية – الصهيونية، هؤلاء النيومثقفون الذين عرفوا “سيكولوجيا الجماهير” عندما قطعوا الطرقات ذات تشرين العملاء، ما هم سوى كرة “منفّسة” تتقاذفها السفارات للنيل من بيئة ومجتمع “ما مننهار”.

اساسيحزب اللهلبنان