كثيرة هي الثورات والحركات السياسية التي شهدتها المنطقة منذ نكبة فلسطين. وكلها تقريبًا عاصرناها، فمنها التي دفنت في مهدها ومنها التي رحلت مع رحيل قائدها وكأنها لم تكن. ولا داعي لذكر أمثلة كي لا نُتّهَم بتأييد هذا أو معارضة ذلك، ولكننا نقول بالفم الملآن إن الثورة الإيرانية التي انطلقت عام ١٩٧٩ نقلت العالم كله، وليس منطقتنا فقط، إلى ضفاف جديدة وأجبرت معظم دول القرار في العالم على أن تغيّرَ جلدها وتبرز أنيابها ضد الثورة وضد الإسلام. وقد تجلى ذلك عندما سُئلَ الرئيس الفرنسي الراحل بومبيدو عن دعمهم المطلق لصدام حسين في حربه على إيران فكان رده “هل تريدونني أن أقف متفرجًا على الإسلام وهو يتمدّد؟”. كانت هذه هي الإشارة الأولى لكشف الأقنعة، لأنه حدَّدَ الإسلام الذي لا يريده الغرب، بينما علاقاته في القمة مع دول تقول إنها إسلامية مثل المَملكة الوهابية ومصر وبقية الدول العربية والإسلامية التي لم يخشَوها يومًا ولم يقيموا لها وزنًا لأنها اسلام صلاة ومناسك يؤديها الحكام العرب لهم هم باعتبارهم هم الآلهة، لذلك جاء عنوان مقالتي هذه “٢ شباط ٠٠ عاد الإمام وعاد معه الإسلام”.
كلهم تاجروا بقضية فلسطين، وكلهم ذبحوا فلسطين، وهم أنفسهم وبأموالهم دمروا لبنان منذ ١٩٧٥ وما زالوا، ثم خانوا الفلسطينيين وشتتوهم، وإن كان المنفذ هو “إسرائيل”. ثم وبالأمس القريب دمروا سوريا واليمن والعراق وليبيا. “نَعَفوا” العالم العربي كله. هذا كان زمانهم الأسود وقراراتهم المجرمة.
اما قرار إيران فكان “عزيزٌ عليه ما عنتُّم حريصٌ عليكم؛ بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم”، فاسترجع الشعب اللبناني لبنانه بفضل ثورة الإمام الخميني (قدس)، وأقام معادلة مع العدو الصهيوني الوحشي جعلته مشلولًا هزيلًا رغم ترسانته العسكرية الضخمة.
وعام ٢٠١٢ وقف السيد القائد متحديًا الجبروت الأميركي والكفر السعودي معلنًا “لن نسمح بسقوط دمشق”، فعادت سوريا إلى عرين الأسد. اما في العراق فكل بقعة على أرضه شهدت للشهيد العظيم سليماني، وعاد العراق إلى العراقيين. وأما اليمن فذلك وحده حكاية لا تنتهي، حيث هو صاحب اليد العليا في الخليج الفارسي، فحجَّمَهُم وأعادهم إلى كهوف التاريخ وإن لم يتنازلوا عن كبريائهم الأجوف سيخرجون من التاريخ والجغرافيا، وما ذلك إلا بفضل الله و “٢ شباط وتلك العودة”. وها هي فلسطين وبفضل اليد الطاهرة التقية النقية بدأت تذوق حلاوة النصر يومًا بعد يوم.
كل شيء مع “عودة الإمام” تغيّر وأخذ نكهة جديدة؛ ومنذ تلك “العودة” ترى الأعداء سُكارى وما هم بسُكارى. وبفضل تلك “العودة” باتت دولة الفقيه نووية وفضائية وقوة عسكرية يطأطئون رؤوسهم أمامها؛ تنتج الدواء وتقيم المصانع والمؤسسات والشركات الضخمة، وهي تواجه حصارهم بصلابة الرسول وشجاعة علي وتضحيات الحسين وصبر الزهراء وزينب وايثار ابي الفضل.
كل محور المقاومة وكل مستضعف في الأرض يقول لدولة الفقيه: شكرًا.
نعم، عاد الإمام عام ١٩٧٩ وعاد معه الإسلام؛ اسلام محمد لا اسلام بني أمية ولا اسلام بني العباس ولا أي اسلام آخر.