د. طنوس شلهوب – خاص الناشر |
تعليقًا على قرار الشيوعيين المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة:
إن ادوات التغيير ليست محصورة بالانتخابات البرجوازية.
في الأهداف:
إن تعثر عملية التغيير في لبنان، وحتى في ظل توفر ظروف موضوعية ملائمة بالمعنى الثوري، مرتبط بعدم وجود موازين قوى داخلية في الصراع تميل لمصلحة هذا التغيير. (هذا إذا افترضنا أن الظروف الخارجية، الاقليمية والدولية، تسمح بذلك).
إن فرض تعديل في موازين القوى لإحداث خرق في جدار الاستعصاء السياسي في ظروف النكبة العامة التي اصابت اوسع الفئات الاجتماعية يتطلب وجود حركة شعبية ديمقراطية واضحة البرنامج والقيادة، وهذا غير متوفر اليوم.
وكل نشاط يفترض أن يكون باتجاه بناء هذه الحركة الشعبية،
والمشاركة في الانتخابات، هو محصلة لنضال الحركة الشعبية، وبالتالي، فإن الممارسة الانتخابية لا علاقة لها بهدف بناء الحركة الشعبية، وكيف الحال إذا كان قانون الانتخابات بالاساس طائفيًّا وغير عادل ومشوهًا للتمثيل السياسي في الندوة البرلمانية، ومفصلًا على قياس القوى الطائفية بما يضمن اعادة انتاج هيمنتها؟ عندئذ تشكل المشاركة تغطية لتبرير الشرعية السياسية للقانون، إذ لا يمكن ربط تعثر وصول ممثلين سياسيين للحزب الشيوعي الى الندوة البرلمانية بطبيعة القانون الانتخابي ذاته (كما وصفه الامين العام للحزب بعد انقضاء اكثر من عام على الانتخابات السابقة)، وفي نفس الوقت المشاركة في الانتخابات.
إن خوض معركة قانون الانتخاب إنما يعزز من الترابط الجدلي بين الممارسة والنظرية في أداء الحزب الى جانب القضايا المعيشية الاكثر إلحاحًا بالنسبة للناس، ويشكل الاساس لإحداث فرز (هو ضروري) ضمن الطيف الواسع من القوى السياسية والاحزاب والجمعيات التي تتبنى شعارات التغيير، من القوات والكتائب وجنبلاط وبهاء الحريري وأشرف ريفي وجمعيات الإن جي أوز الى المجموعات الشبابية اليسارية والقوى الناصرية والبعثية والشيوعية.
إن الفرز حول قانون الانتخاب يساعد على فضح قوى النظام وبدائلها من ذات الطبيعة والتي تحاول ركوب موجة التغيير، وبالتالي، فإن عدم خوض هذه المعركة (وهذا ما تم تفويته) إنما سيجعل من الانتخابات الميدان الذي ستدخل إليه بعض قوى النظام برداء القوى التغييرية، مما سيزيد من الالتباس عند قسم من الناس، ويجعل المعركة الاساسية (وبسبب طبيعة القانون) محصورة بين قوى النظام، في حين ستعطي مشاركة اليساريين الشرعية التمثيلية للمجلس النيابي القادم مع نتائج هزيلة انتخابيًّا، إلا إذا افترضنا أن احتمال فوز بولا يعقوبيان أو غادة عيد أو مارك ضو أو زويا جريديني وأمثالهم فوزًا لليسار، وهذا ما لا أعتقده شخصيًّا.