إسحق المساوي – خاص الناشر |
في مفاضلة ظالمة، بين دويلات أصبحت غير آمنة اليوم، وبين عمان كدولة آمنة مطمئنة حتى هذا اليوم، ثمة نتائج هامة أفضت طواعية لأن تكسب عمان دون خسارة، ما فشلت دول التحالف في الحصول عليه رغم كل الخسارة.
أما المفاضلة الظالمة فتعود إلى كون منطقة شبه الجزيرة العربية لم تعرف منذ ما قبل التاريخ غير دولتين فقط: عُمان في الشرق، واليمن في الغرب. وحتى ظهور دويلات عُرفت قبل خمسة عقود بمجلس التعاون الخليجي.
في موضوعنا لعل الفارق الحضاري كان نعمة على عمان من حيث هو نقمة، إذ لم تخض سوق المنافسة الخليجية على النفوذ، بل راقبت فشل الآخرين، فقدمت نفسها وقدمتها الظروف بديلًا أمثل. وما الذي تحتاجه دولة حضارية لتسود، سوى وجود دويلات ناشئة كالتي نحن بصددها اليوم، في بناء علاقاتها الخارجية، وترسيخ الأمن المستدام في مجالها القومي؟
قد تصبح عمان مقصدًا لتجارة العالم في الشرق الأوسط، بعد أن أصبحت دولة وازنة لتحجيم صراعات المنطقة. فهل أنفقت شيئًا مما أنفقته هذه الدويلات الطارئة؛ في شراء الولاءات واجتذاب تجارة العالم، أم كان صمتها مقابل ضجيجهم، الصفقة الرابحة ورأس المال بأكمله؟
أرادت عمان أن تقول اليوم للجوار، والإقليم، والعالم: نحن البديل الأمثل. وثمة مؤشرات واضحة لتصبح بديلًا عن المثقلين بتداعيات الطيش، وقلة الخبرة.
لدى عمان طموحات تنافسية، لكن لديها العقل الكافي لبلوغها بصمت. ولديها إرث ثقيل من الخصومات، لكن لديها العقل الواعي لتصفيتها دون ضجيج. دلائل ذلك ظهرت من إدارتها للمقاطعة الخليجية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية أولًا وآخرًا، ومع فائض امتنان قطري ثم سعودي.
هنا المفارقة بين عقلية صحراوية، وأخرى حضارية لم تظهر نواياها، ربما لأن تحضيرات طموحاتها في نفس سياق أن تصبح (البديل الأمثل) لم تنضج بعد.