يبدو أن معظم الملوك والزعماء العرب غير متحمسين لانعقاد القمة القادمة في آذار/مارس من هذا العام في الجزائر لعدة أسباب أهمها أنها ستعقد على أرض الجزائر، البلد الذي لا يستسيغه الملوك والأمراء لأنه ملتزم بقضية فلسطين، ومقولة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين لا زال الجزائريون يرددونها منذ أكثر من خمسين عامًا “مع فلسطين ظالمة كانت أو مظلومة”، وحتى الآن لم تستطع دول الخليج وبالذات السعودية هضم أن الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، فهذه المفردات لا تناسب سياساتهم ولا تدجين شعوبهم على كل ما فيه كرامة وعزة وشهادة وجهاد ومعاداة الصهاينة.
ثانيًا إنّ الجزائر ومن حرصها على وحدة الصف العربي دائمًا تسعى بنشاط واضح لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، الأمر الذي ترى فيه بعض الدول وبالذات المتصهينة ضربة قاضية لمشروع الحرب على سوريا، دون أن ننسى أن الأميركي نفسه لم يعطهم بعد الضوء الأخضر لإعادة العلاقات مع سوريا. والجزائر تعتبر أنّ انعقاد القمة على أرضها يكاد تكون الفرصة المناسبة لعودة سوريا إلى تلك الجامعة. وهناك أمر آخر مهم جدًا وهو مسألة الصحراء الغربية حيث تشترط المغرب ومعها العديد من الممالك أن لا تضع الجزائر بندًا خاصًا يتعلق بحرية خيار الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، والعربان سيحاربون ذلك لأن بايدن “أهدى” هذه الصحراء مقابل التطبيع مع الصهاينة فارضًا بذلك واقعًا جديدًا للصراع حول الصحراء الغربية.
والجزائر لن ترضى أن تمر قمة عربية تُعقد على أرضها ولا تخرج مقرراتها دون دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الشرعية ضد الاحتلال الصهيوني، في حين كل دول الخليج ومعها مصر والمغرب والأردن والسودان اتخذت قرارًا بالتطبيع الكامل مع العدو الصهيوني وتخلت تمامًا عن فلسطين وشعبها وقضيتها، فلا يمكنها الموافقة على مقررات تدعم المقاومة الفلسطينية والحق المشروع لكل قضاياه.
حتى الآن لم يُحدّد تاريخ موعد انعقاد القمة حتى نتحدث عن التأجيل، ولم تتحرك الديبلوماسية الجزائرية بقيادة وزير خارجيتها رمطان العمامرة كما تعودنا أن يتحرك وزير خارجية الدولة المضيفة نحو الدول العربية.
إذًا، نحن اليوم أمام محورَين واضحَين في التباعد والخلاف وحتى التنافر، والجزائر لن تتراجع عن مواقفها مهما حاولت تدوير الزوايا، ولو كانت وحدها، وكذلك دول المحور الآخر لن يتراجعوا عن خدمة الأميركي والصهيوني. وكما هو معروف تنشط قبل انعقاد كل قمة عربية المشاورات للوصول إلى قواسم مشتركة توحي بأن العرب متفقون على البيان الختامي، فهل نشهد ذلك هذه المرة في بلد المليون ونصف مليون شهيد؟