بمتابعة العويل والنقيق الفينيقي بعد عملية “إعصار اليمن”، يمكنك بسهولة أن تتلمس “تسونامي النفاق” الذي يجعلك تدعو الله مخلصًا أن لا تعم الزلالزل والبراكين والآيات السماوية الزاجرة بلدك العزيز لبنان الذي تقدّسَ ترابه بدماء المقاومين وغبار نعالهم.
إلا أن جملة مختصرة استعملها كل “المبيضين” آلمتني، وكان من الواجب الرد عليها بما يلزم. لقد قام مئات الجهابذة من فرسان التويتر من مستوى “باش مبيض” إلى مستوى “سنكوح مبيض” باستنكار تعرض “عاصمة عربية للاعتداء بالمسيرات”، يقصدون بذلك عاصمة إمارات الزجاج أبو ظبي. وبسبب الألم الذي أصابني من هذا الاستعلاء الأعور فرّغت ثلاث ساعات من وقتي الأثمن من كل تلك القرطة لكي أحاول العثور على “قصقوصة” تتعامل مع صنعاء أيضًا كعاصمة عربية، وهي التي تُدك منذ ليل 25/26 آذار 2015 ، أي منذ سبع سنوات، بالطائرات الإماراتية والسعودية والبحرينية والسودانية “السلعدا”، وقد تعرضت حتى اليوم لآلاف مؤلفة من الغارات دون أن يندب لوجعها نادب سوى من أرضعته أمه وأنشأه أبوه على الأنف الحمي الذي يأبى الحيف.
وعليه يا سفهاء لبنان إليكم ثلاث حقائق للتأمل:
1- استقل اليمن (بزنده ورأسه) المرفوع عام 1918 فيما استقلت “إمارات الزجاج” بانبطاحها الذليل عام 1971 ، ولا زال مفوض سامٍ بريطاني يحكم الإمارات في الخفاء حتى اليوم.
2- اليمن دولة مؤسسة للجامعة العربية، انضم إليها كعضو في الدورة الأولى في 5 أيار مايو 1945. بينما انضمت دويلة الإمارات إلى الجامعة العربية في 6 كانون أول ديسمبر عام 1971.
3- بلغ عدد سكان اليمن حسب إحصاء (يوليو 2015) 26.737.317 نسمة معظمهم 97% من اليمنيين فيما بلغ عدد سكان دولة الإمارات العربية المتحدة حسب إحصاء عام 2010 8.264.070 نسمة يشكل المواطنون نسبة 16% من إجمالي عدد السكان الذي يمثل 980 ألف مواطن و7.32 ملايين مقيم.
إن أبسط تقييم لهذه الحقائق الثلاثة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الأصالة العربية اليمنية تسبق البداوة الإماراتية بأشواط، حيث إن البلد المستقل بقواه الذاتية منذ 100 عام ونيف يختلف كثيرًا عن الدويلة المستقلة استقلالًا مزيفًا منذ 50 عامًا. كما إن الدولة المؤسسة للجامعة العربية تعتبر بالفم الملآن صاحبة فضل على 22 دولة عربية بما فيها الدول الست الأخرى التي شاركت اليمن تأسيس الجامعة، والدولة (اليمن) التي يحتضن ترابها 98 % من شعبها تختلف عن “ضيعة” استأجرت شعبًا ولا زالت حتى اليوم “عاقرًا” لم يتعد عدد سكانها الأصليين 16% فيما معظم الباقين من الباكستانيين والهنود الذين يبلغ تعدادهم تقريبًا نصف عدد إجمالي السكان في “دويلة الامارات”.
فلا تقولوا لي يا جهابذة الفنادق والمساخر والمباخر في دبي وأبو ظبي نحن “نستنكر” بل قولوا لي نحن “نستعور” لأننا أبناء أرملة ماسونية لا ترى إلا بعين واحدة وهي العين التي تشم وتذوق الدولار والدينار والدرهم وشحاطة أبو إصبع التي تلقننا حروف “الوطنجية”. وللمفارقة هنا فإن حمية “أهل الجاهلية” اللبنانية لم تهتز عندما كانت تقصف بيروت عام 2006 ولم تهتز حينما احتلت بيروت عام 1982 حيث قام كبير القوالين “مستر وليد” باستضافة هاتكي ثاني عاصمة عربية في قصره المنيف في المختارة.
إن صنعاء درة العرب إذا ما قيس العرب بعرب أقحاح، أما أولئك الضياطرة في “خورفكان وجبل علي” فكثير عليهم صفة الأعراب الذين قال عنهم الله في كتابه المجيد في سورة التوبة الآية 98: “وَمِنَ ٱلْأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَآئِرَ ۚ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.