خمسة صواريخ بالستية ومجنحة وعدد كبير من المسيرات الدقيقة، أرسلتها صنعاء الى الإمارات.
اختارت صنعاء التوقيت الذي تضرب فيه في مكان حساس وتوصل الرسالة لجهات عدة، من أبو ظبي إلى الرياض فواشنطن ثم تل أبيب.
في المباشر، يأتي ضرب القوات المسلحة اليمنية أهدافًا في أبو ظبي ودبي كرد على إخلال الإمارات بهدنة أبرمت برعاية دولة إقليمية عام 2019، تم بموجبها إعلان الإمارات بدء الانسحاب من اليمن، في مقابل عدم استهداف صنعاء للعمق الإماراتي. وتمثَّل إخلال الإمارات، بتنفيذ إعادة تموضع لميليشياتها في الحديدة منذ شهرين، ونقلهم إلى شبوة على تماس مع محافظتي مأرب والبيضاء، وهي ميليشيات العمالقة، ثم فتح معركة هناك تركزت في مديريتي بيحان وعسيلان. بدء العملية العدوانية كان بداية للتنصل من التفاهمات السابقة وعودة أبو ظبي إلى لعب دورها في العدوان كما كان عليه عام 2015 إلى جانب السعودية.
ما أقدمت عليه الإمارات وضع صنعاء في حِلّ من تلك التفاهمات، وهو ما دفع إلى اتخاذ القرار بتوجيه ضربة في العمق الإماراتي، قد تعيد القيّمين في أبو ظبي إلى رشدهم وإعادة ترتيب حساباتهم وتقديرهم للموقف وفق أسس جديدة.
في الحسابات الاستراتيجية لمردود الضربة، يمكن الانطلاق من موقع الإمارات الجديد في الشرق الأوسط بعد تطبيع علاقاتها مع العدو الإسرائيلي، ثم فتح قنوات اتصال عالية المستوى مع إيران، وكذلك أخذ مبادرة اتجاه سوريا، كما فتح صفحة جديدة من العلاقات مع أنقرة، حيث تطمح أبو ظبي إلى لعب دور جامع للتناقضات وقادر على نقل الرسائل وتدوير زوايا بعض الملفات، ولو كان ضمن سقوف أميركية.
انطلاقًا من هنا، أوصل اليمنيون رسائل عدة، أولاها لأبو ظبي نفسها، وثانيتها للرياض مفادها أن يدنا تطال ما نريد وفي أي مكان، وثالثتها لتل أبيب، وهي الأبرز، لماذا؟ لأن الإماراتيين أقدموا على نسج علاقات أمنية واستخبارية، وفتحوا بابًا للإسرائيليين في جنوب اليمن وغربه، ووفقه عملت تل أبيب على توسيع حضورها بما يخدم حساباتها الأمنية. وبالتالي فإن ضربة أبو ظبي بينت أن التمادي في التوسع قد يأتي بمردود عسكيّ لما تطمح إليه تل أبيب، وربما تكون هي نفسها في مرمى الاستهداف في مراحل معينة، كما عبّر إعلامها ومعلقوها العسكريون والسياسيون منذ وقوع الضربة في الإمارات.
أخيرًا، كانت الضربة رسالة إلى واشنطن، التي تحاول لعب دور الساعي للحلول السلمية، وهي التي تقدم مساعدات استخبارية، لم تعد خافية، للسعوديين والإماراتيين داخل اليمن، ليس آخرها تزويدهم ببنك أهداف عملوا على ضربه خلال الشهر المنصرم، بغض النظر عن صحته وحجمه. وبالتالي فإن ضربة أبو ظبي ستدفع الأميركيين لإعادة تقييم دورهم بطريقة مختلفة.
أضف إلى ما تقدم أن الاقتصاد والسياحة وجلب الاستثمارات إلى الإمارات تحتاج إلى الأمن، ورسالة اليوم القاسية لهم عنوانها: لا أمن إلا مقابل الأمن.
وعليه، يجب الإشارة إلى أنه وفق مسار الأحداث، فإن ما تم توجيهه إلى أبو ظبي من ضربات بضربة هو بداية مسار جديد قد يخلط الكثير من الحسابات والأوراق على صعيد المنطقة.