تنافس في المجال السيبراني بين “إسرائيل” وإيران

أيمن علامة – خاص الناشر |

“نحن في حالة حرب “لا نراها”. الجو في الخارج لطيف، ولا توجد حركة للدبابات في الشوارع، لكننا في حالة حرب، ليس هناك شك في أن أي شخص يمكنه مهاجمتنا، هذا صحيح بالنسبة لإيران وحماس”.

“يغآل أونا” رئيس الشبكة الإلكترونية “السايبر” الوطنية في “إسرائيل”، في مقابلة حصرية مع يديعوت أحرونوت قبيل تقاعده.

يعرّف الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة الفضاء الإلكتروني بأنّه المجال المادي وغير المادي، الذي يتألف من أجهزة الكومبيوتر، وأنظمة الكمبيوتر، وشبكات الكمبيوتر وبياناته وبيانات المحتوى والمرور.

أصبح المجال السيبراني ميدانًا لتنافس الدول فيما بينها، وإجراء استثمارات ذات فائدة مادية ومدخول لميزانية الدول. وقد تحوّل إلى سلاح فعال مثله مثل الأسلحة العسكرية، وبات يشكّل تهديدًا للأمن القومي للدول. لهذا بدأت الدول تستثمر بشكل كبير في هذا المجال. فوفق دراسة إحصائية من إعداد مجلة cyber security ventrune، عن أول ٥٠٠ شركة تعمل في مجال السايبر، تحتلّ أميركا المركز الأول بعدد الشركات السيبرانية، بحيث يوجد ٣٥٤ شركة أميركية، تليها الشركات “الإسرائيلية” ويبلغ عددها ٤٢ شركة، ثم الشركات البريطانية ويبلغ عددها ٢١ شركة. بالإضافة الى الـ٤٢ شركة “إسرائيلية” تبيّن هذه الدراسة أنّ ٤٠ شركة “إسرائيلية” مسجلة في الولايات المتحدة الأميركية لأسباب ضريبية، وبذلك يصبح عدد شركات السايبر “الإسرائيلية” الفعلي ٨٢ شركة من أصل ٥٠٠، أي ما نسبته ١٦.٤ في المئة.

تتخوّف “إسرائيل” من ظهور لاعبين جدد في هذا المجال أبرزهم إيران، والصين، وروسيا. وعلى الرغم من سعي “إسرائيل” للتميّز في هذا المجال عبر زيادة قوتها السيبرانية إلا أن ذلك لم يقف حائلًا أمام تعرضها لهجمات سيبرانية إيرانية. لذلك على الرغم من احتلال الشركات “الإسرائيلية” لمراتب متقدمة في مجال السايبر إلا أنها ما زالت تتخوّف من قدرات إيران في هذا المجال. يعود هذا التخوف الى الهجمات السيبرانية المنسوبة لإيران مؤخرًا، فمثلًا تتهم “إسرائيل” إيران بالهجوم الذي استهدف شركة أرامكو في عام ٢٠١٢. وفي عام ٢٠٢٠ أيضًا اتهمت “إسرائيل” إيران بمسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف محطات المياه، فردّت “إسرائيل” بمهاجمة ميناء “بندر عباس” الاستراتيجي.

يشير أستاذ العلاقات الدولية “يوسي ميكلبرج” إلى أنَّ إيران و”إسرائيل” يختبران بعضهما بعضًا وبحذر شديد، إذ أشارت الاستهدافات الأخيرة إلى قدرة إيران على اختراق الفضاء الإلكتروني “الإسرائيلي”، وإلى أن هذا الأخير غير محمي بشكل جيد. وفي مؤتمر الأمن السيبراني الذي عقد في تل أبيب عام ٢٠٢٠، قال رئيس الموساد “الإسرائيلي” إلى أنّ ازدياد اعتماد اسرئيل على التكنولوجيا يزيد من حجم المخاطر والثغرات التي يمكن استغلالها من قبل أعدائها. وهو ما أشار إليه الصحفي في معاريف جاكي خوجي إذ قال إن “الإيرانيين لم يصمتوا؛ فمنذ أسبوعين، انهارت فجأة أنظمة الكمبيوتر في مستشفى هيلل يافيه في الخضيرة، حيث كان هجومًا أكثر خطورة من سابقه، حين أجبر طاقم المستشفى على تحويل أجهزة الكمبيوتر يدويًا، ونظرًا لتعقيده وخطورته، فقد كان هذا الهجوم كفيلاً بتعريض حياة “الإسرائيليين” للخطر”.

بالتالي، هناك تخوّف فعلي داخل “إسرائيل” من أي حرب أو هجوم سيبراني، وهذا ما يشغل المحللين والمعلقين السياسيين والقادة العسكريين في كيان الاحتلال، وخاصة في ظل تصاعد وتيرة التهديدات “الإسرائيلية” والإيرانية المتبادلة في ظل هجمات “إسرائيل” السيبرانية التي هدفت لتعطيل البرنامج النووي الإيراني، وتقويض النظام، وهو ما علّق عليه الكاتب في ه‍آرتس “عاموس هرئيل” بقوله إنّ هجمات “إسرائيل” السيبرانية لن تقوّض النظام الإيراني، في إشارة للهجمة الإلكترونية التي استهدفت محطات الوقود الإيرانية ومحطات المترو.

صحيح أنه لا تسقط في هذه الحروب أرواح بشرية حتى الآن، لأن الأحزمة الواقية التي ترتديها “إسرائيل” تريدها أن تكون فعّالة للغاية، ولكن مع مرور الوقت قد تصبح الهجمات الإيرانية أكثر تعقيدًا، ومثال ذلك إذا استهدف هجوم ما شبكة الكهرباء، أو خوادم الإنترنت في “إسرائيل”، أو النظام المصرفي، فإنّ ذلك سينعكس سلبًا على حياة “الإسرائيليين” مما قد يتسبب بانهيار النظام في تل أبيب عوضًا عن طهران.

وبحسب صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية فإنّ هناك مناورة “سايبر” مشتركة بين تل أبيب وواشنطن على الأراضي الأميركية، حيث يجري جيش الاحتلال “الإسرائيلي” والجيش الأميركي هذا الأسبوع مناورة “سايبر” مشتركة على الأراضي الأميركية.

وفي إطار المناورة، وصل إلى الولايات المتحدة مسؤولون مما يُسمّى لواء “الدفاع” السيبراني في شعبة الاتصالات والحوسبة في الجيش “الإسرائيلي”، فيما من المتوقع أن يتدربوا هناك على “الدفاع” السيبراني مع قيادة “السايبر” الأميركية.

ولم يرغب مسؤولون في الجيش “الإسرائيلي” في الكشف عن مزيد من المعلومات حول المناورة، لكن من المفترض -بحسب الصحيفة- أنّ قرار القيام بالتدريب المشترك قد تم اتخاذه في ضوء التهديدات السيبرانية المتزايدة، إذ يكاد لا يمر يوم لا تتعرض فيه الهيئات والمؤسسات التجارية والوطنية في كيان العدو لهجوم سيبراني وسط التكتم عن معظم “الهجمات” في وسائل الإعلام بسبب قلة الاهتمام العام.

وقد تم تنفيذ هجوم سايبر غير عادي على خوادم في كيان العدو، وجرت في الأشهر الأخيرة هجمات ومحاولات لهجمات سايبر “مقلقة” لكيان العدو، كان من بينها على مستشفى “هلل يافي” في الخضيرة وعلى شركة التأمين “شيربيت” وحتى على البنية التحتية للمياه في المدن.

في غضون ذلك يشير ليتيم جاي، نائب رئيس شركة Cyberizen الصهيونية في مقال له في موقع القناة ١٢ العبرية “أن التهديدات والهجمات الإلكترونية في مناطق الصراع -خاصة مناطق الصراع الاقتصادي بين بكين وواشنطن وموسكو وواشنطن، والمفاوضات النووية- ستزداد بشكل كبير، خلال العام الحالي”. ويضيف أيضًا “ومن أجل تغيير هذا الاتجاه هذا العام، يجب أن نتصرف بطريقتين رئيسيتين:
أولًا: يجب أن نتحمل المسؤولية الكاملة عن الحماية من الهجمات الإلكترونية المتقدمة، وتحتاج المنظمات إلى اعتماد وتنفيذ حلول دفاعية متقدمة واستبدال الحلول التقليدية غير الفعالة، أمام التهديدات الحالية.

ثانيًا: ينبغي تشجيع تدخل الحكومة، من خلال التعاون الدولي، في الحملة ضد مجموعات المهاجمين، كما يمكن للنشاط الدولي الذي من شأنه تحييد مصادر تمويل المهاجمين إحداث تغيير حقيقي.

ونتوقع أن يتم تعزيز هذا النشاط بشكل كبير هذا العام، بعد اتفاقية التعاون بين الحكومتين الأميركية و”الإسرائيلية” ضد هجمات الفدية، وفرض متطلبات الإدارة الأميركية لتطبيق حلول أمنية متقدمة، وتحديث اللائحة المتعلقة بعملية رفع التقارير للسلطات”.

اسرائيلالسايبرايرانحرب السايبرهام