كازاخستان: حلقة جديدة من مسلسل الثورات الملوّنة؟

تحوّلت الاحتجاجات في كازاخستان، الدولة الغنية بالنفط في آسيا الوسطى، إلى اضطرابات أمنية تهدد تردداتها جميع أنحاء المنطقة.

هذا الواقع يفتح باب التساؤلات حول طبيعة الأحداث الجارية، وعمّا إذا كانت تتعلّق بأجندات خارجية أم أنها مجرّد استجابة لمحفّزات داخلية.

في هذا السياق، رجّح الباحث في الشأن التركي والروسي محمد سويدان، أن يكون مسلسل الثورات الملوّنة ما زال يحمل أجزاءًا جديدة وأن تكون كازاخستان هي أجدد جزء فيه.

وأوضح في حديث مع “الناشر” انه لا يمكن مقاربة ما يجري في كازاخستان من خارج البوابة التركية ايضًا لأنها ضمن منظمة الدول التركية التي استحدثت أخيرًا، لذلك فإن الموقف التركي حيال ما يجري يسوده التخبط حتى الآن.


إلا أن سويدان لفت إلى أن الجميع كان متنبّهاً هذه المرة، وخاصة روسيا التي راقبت الوضع بدقّة، وعند تأكّدها من أن ما يحدث سببه عامل خارجي سارعت للتدخّل لضمان أمن محيطها الحيوي.

وأشار إلى أن موسكو أرسلت قوات عسكرية عبر منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) التي تضم كل من روسيا وبيلاروسيا وأرمينيا وقيرغيزستان و طاجيكستان، ةقامت هذه القوات بالانتشار في محيط المراكز الحكومية، وهي الآن تعمل كرافعة للسلطة الكازاخية لإفشال المشروع المطلوب تحقيقه.

ولفت إلى أن كازاخستان تمثّل أعلى ناتج محلّي وثالث أكبر منفق عسكري بين دول الاتحاد السوفياتي. كما إنها بلد غني جدًا بالموارد وهي جغرافياً تقع في موقع استراتيجي. فتحدّها الصين من الشرق وروسيا من الشمال وبحر قزوين من الغرب وهي جزء أساسي من مبادرة الحزام والطريق الصينية.

في الواقع، تمثل الأحداث تحديًا صارخًا للرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف، بعد أقل من ثلاث سنوات من حكمه، وهي تزعزع استقرار منطقة مضطربة بالفعل حيث تتنافس روسيا والولايات المتحدة على النفوذ.

وكان لافتًا سرعة تصاعدت الاحتجاجات مع اتساع نطاق مطالب المتظاهرين من المطالبة بخفض أسعار الوقود لتشمل مطالب سياسية واسعة تتعلق بشكل الحكم في البلاد والطبقة الحاكمة فيها منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي عام 1991.

ونظرًا لموقعها الجغرافي، فإن كازاخستان الواقعة بين روسيا والصين، و باعتبارها أكبر دولة غير ساحلية في العالم، وأكبر من أوروبا الغربية بأكملها، على الرغم من أن عدد سكانها لا يتجاوز 19 مليون نسمة، ذلك رشّحها لأن تكون مهمة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لأنها أصبحت دولة مهمة لمخاوف الطاقة الأميركية، حيث استثمرت شركتا إكسون موبيل وشيفرون عشرات المليارات من الدولارات في غرب كازاخستان، المنطقة التي بدأت فيها الاضطرابات هذا الشهر.

وعلى الرغم من أن لديها علاقات وثيقة مع موسكو، إلا أن الحكومات الكازاخستانية المتتالية حافظت كذلك على روابط وثيقة مع الولايات المتحدة، حيث يُنظر إلى الاستثمار النفطي الأميركي على أنه ثقل موازن للنفوذ الروسي. فلطالما كانت حكومة الولايات المتحدة أقل انتقادًا لاستبداد ما بعد الاتحاد السوفياتي في كازاخستان من انتقادها لمثيليه في روسيا وبيلاروسيا.

اساسيالصينالولايات المتحدةروسياكازاخستان