المقدمة
البشارة الواردة في نصوص أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام هي انتصار الرايات المشرقية الإسلامية.
وهذا النصر الرباني الحتمي يؤشر إلى عدد من الحقائق المهمة:
١. هذه الرايات لا تنتصر لأنها تنتمي إلى إقليم جغرافي، أو قومية، أو عرق، أو طبقة اجتماعية وإنما تنتصر لأنها رايات الإسلام المحمدي الأصيل.
٢. هذا الانتصار يتحقق بوجود عوامل القوة والاقتدار لدى أصحاب هذه الرايات.
٣. والانتصار يأتي بعد منازلة حتمية بين الإسلام المحمدي الأصيل وأعدائه الذين لا يخرجون عن هذه الفئات الثلاث:
أ- الكفر بكل أنواعه وأشكاله (أميركا، والصهيونية، …).
ب- الجهلة الذين لا يدركون معنى الإسلام المحمدي الأصيل من أذناب الكفر في صحاري الذهن الخالي.
ج- جماعة (ارجع يا ابن فاطمة…) الذين يعرفون الحق حق معرفته لكنهم يصغرون أمام مصالحهم وأطماعهم الشخصية.
قد يسأل سائل: وهذه المصاعب والمصائب وبعض الانتكاسات؟ ونقول: هي أمر طبيعي. إن الله تبارك وتعالى يبتلي عباده في هذه الدار – الممر لكي يحصلوا على الجائزة في الدار المستقر، ولا جنة بلا جهد وعناء ومشقة. ونحن نؤمن بعد هذا كله بحتمية الانتصار، ولا يتسلل اليأس إلى قلوبنا إطلاقًا.
فمَن يرِد أن يلتحق برايات المشرق ففي الوقت متسع والطريق مهيأة، ومَن يتخلف ليكن بمعلومه أنه مع الطرف الخاسر وإن بقي محايدًا، ولا حياد.
نظرة إلى واقعنا
بعضنا يتحدث عن الاستقرار والسلام برومانسية كبير جدًا، ويحاول أن يظهر بمظهر الوديع الذي يريد الأمن والبناء والتقدم والرفاهية، ويزعم كذلك أنه يريد أن يكون حرًّا عزيزًا سيدًّا!
وكأن الطريق معبد وما عليه إلا أن يخطو بأمانيه وكفى،
فلا استعمار، ولا صهيونية، ولا تعدّيَ، ولا غطرسة، ولا استعباد، ولا هيمنة.
كلنا -بطبيعة الحال- نريد الأمن والبناء وأشياء أخرى كثيرة، وهذا من حقنا الطبيعي، لكن هذا لا يتحقق في أجواء الأنانيات المقيتة؛ الفساد من كل نوع، والغرور والتكبر والاستعلاء على الناس، والأهم من ذلك كله مداهنة الأعداء ومحاولة التصالح معهم.
لا يتحقق ما نصبو إليه إلا ونحن بلا أنانيات، وعلى درجة عالية من العفة والنزاهة والورع والتقوى، إلا ونحن مع الناس، لا نستعلي عليهم، ولا نتكبر، ولا نرى أننا من المدينة الفلانية أو البيت الفلاني. وإلا ونحن في موقف القوة والمنعة التي تلجم الأعداء. عند ذلك نكون نحن من حملة الرايات المنتصرة «المشرقية»، وهي رايات العزة والكرامة والرفعة والبناء والتقدم وتحقيق الرفاه.
ولأتحدث بواقعية: الأجواء في بلدنا ملبدة بغيوم الغرور والأنانيات والفساد ومداهنة الأعداء، فكيف يكون السعي للتغيير (الالتحاق برايات النصر المشرقية) بعيدًا عن الحديث في تفاصيل كثيرة؟
القضية بسيطة جدًا لا تحتاج بداية إلى توثيق انتماء، وإمكانات مادية هائلة، وفريق من الإداريين وعمال الخدمة، وأنظمة داخلية وهياكل تنظيمية.
لا تُشغلْنا هذه التفاصيل التي شغلتنا كثيرًا وأصبحت هي الغايات، وليست وسائل لتحقيقها. كل تلك التفاصيل قد تكون ضرورية، لكن عدم توفرها في البداية لا يعني التوقف التام وعدم المبادرة إلى العمل. لنتحرك بخطوات واعية وثابتة ونوايا صادقة ونجمع شتات أمرنا، ونقف سدًا منيعًا أمام تسلل الأعداء إلى داخلنا، عندها ستتوفر الإمكانات -التي لا يجب أن تشغلنا عن الغايات مرة أخرى- حتى تحقيق النصر، النصر الحتمي القادم بإذن الله تبارك وتعالى.
لا نتحجج بمنغصات الواقع من حولنا، ولا ننتظر مَن يدعمنا ليوفر لنا الإمكانات “الوسائل”. ليبادر كلّ منا من موقعه لنكون مراكز وعي وثبات وإصرار وتحدٍّ لتحقيق النصر، وهو ليس ببعيد.