وليد عصام الضيقة – خاص الناشر |
شكل اقتصاد الاجتماع العربي – الإسلامي ما قبل السيطرة الرأسمالية مجالاً اقتصاديًا موحداً يلعب السوق فيه نقطة توازن اقتصاديات مختلف الأقاليم العربية – الإسلامية المتواصلة. الى جانب كون هذه الاقتصاديات ذات طابع مركب ومتنوع حيث تستجيب المنتجات الحرفية والزراعية لمتطلبات سوق داخلية واحدة تتمتع بحدود عالية من الاستقلال الذاتي.
أما علاقتها التجارية الخارجية فتتسم بكونها علاقة تتميز بحد من التكافؤ، إذ إنها ترتكز على تشكيلة اقتصادية مستقلة تسيطر على أواليات التجارة الخارجية.
إن هذه الوضعية بدأت بالركود مع الاتجاه نحو عسكرة الاجتماع العربي – الإسلامي تحت ضغط الصدام مع الغرب الأوروبي، ثم تتابعت الانهيارات مع الامتيازات التجارية والسياسية واحتكار التجارة العالمية من قبل الأوروبيين، الى أن انتهت بالسيطرة المباشرة من قبل الغرب الأوروبي على التجارة الخارجية للدولة العثمانية، وصولًا إلى إمساك أوروبا بمالية الدولة المركزية (بنك الدين العثماني العام).
لقد ترتب على ضوء الصراع الجديد ما يلي:
1 – تحطيم وحدة السوق الداخلية، والربط المتزايد للإنتاج المحلي بالسوق الرأسمالية.
2 – دمير الحرفة المحلية المتواصل لصالح السلعة المستوردة
3 – تدمير الإنتاج الزراعي المحلي وبروز الزراعات التصديرية المستجيبة لحاجات السوق الرأسمالية.
4 – سيطرة رأس المال التجاري الأوروبي عبر منافذ عدة على الإنتاج المحلي.
5 – تدمير الزراعات الغذائية المحلية وبروز الزراعات الأحادية الجانب التي دفعت الى تشكيل المادة الخام للصناعات النسيجية الرأسمالية.
6 – تحطيم علاقات الإنتاج المحلية وبروز الملكيات الخاصة الكبيرة، وإضعاف الإنتاج المحلي وتسهيل ارتباط الإنتاج المحلي بالسوق الخارجية.
7 – إضعاف وتدمير المدن الداخلية المنتجة لصالح المدن التجارية الساحلية المرتبطة بالخارج.
8 – تهميش الكتل البشرية الضخمة وفصلها عن محيطها.
9 – تحطيم بنى الإنتاج المحلي بفعل عنفي خارجي لتقام محلها بنى إنتاجية مرتبطة بالسوق الخارجية (سمة الاقتصاد الاستخراجي).
10 – تضخم قطاع الخدمات على حساب القطاع الزراعي دون توسط القطاع الصناعي كحلقة وصل.
هذه هي السمات الأساسية التي تزاوجت مع عملية التجزئة .
التجزئة الاقتصادية تتجه نحو التعمق والتركز، وبالرغم من كل الاتفاقيات الاقتصادية للتعاون العربي، فإن نسبة التجارة بين مجموع الدول العربية الى إجمالي تجارتها الخارجية تراوح مكانها قريباً من نقطة الصفر.
إن السمات التي سبقت الإشارة إليها تفرض علينا قراءة جديدة للوحة التكتلات السياسية والاقتصادية خارج نقطة القياس المتمثل بالدولة القومية الرأسمالية الناجزة.
إن طبيعة الرأسمالية تنافسية احتكارية وغايتها:
• استعباد الخارج
• النهب
• العنف
• الاحتلال
• تحطيم كتل حضارية
• تبادل لا متكافئ
• احتكار
إن آلية النهب العنفية هذه مستمرة باستمرار عملية تدمير الثروة القومية واستنزافها، ولا تنتفي إلا عندما يصار الى التحكم بالثروة القومية على الأسس التالية
1 – إيقاف عملية تدمير الثروة القومية او (استهلاك المستقبل)، هذا التدمير الذي يتم لصالح حاجات ومتطلبات الاحتكارات الصناعية المتقدمة والمتمركزة ضمن وحدات قوية مستقلة ومتوازنة.
2 – التعامل مع هذه الثروة لا باعتبارها ثروة قطرية، بل من خلال منظور قومي يعتبر أن ملكية هذه الثروة هي ملكية عامة.
3 – إدراج الثروة القومية في زمن إنتاجي قومي موحد، وليس ضمن زمن إنتاجي قطري يحاول عبثًا التفلت من سيطرة السوق العالمية.
4 – إدراج الثروة القومية ضمن مفاعيل إنتاجية عملية متكاملة، وهذا يتطلب ضرب عملية الفصل بين الثروة والمجتمع.
5 – إنتاج هذه الثروة واستثمارها وفق متطلبات الإنتاج المحلي بكافة قطاعاته، بما يتناسب مع حاجات المجتمع في كافة القطاعات.
6 – تصنيع الثروة القومية وإدخالها في جميع مفاصل البنى الإنتاجية المحلية.
7 – قيام التبادل بين المجتمع العربي والسوق العالمية على قاعدة تشكيلات اجتماعية مستقلة ومتوازنة، لكل منها دورته الاقتصادية المتكاملة، وغير المحكومة بمتطلبات السوق العالمية.
في هذه الحالة يمكننا التحدث عن انتفاء حالة النهب والعنف.