أيها الخليجيون لا تتركوا لبنان للذئاب الفارسية والتركية!

تتصاعد أصداء الحدث بأخبارٍ مستعجلة، ومواقف وتحليلات، وقد فُتح الباب على مصراعيه أمام الآراء المتتاقضة تارة والمتصارعة طوراً، حتى أرباب الفن دخلوه بثقل أقدامهم، عازفين سيمفونية الحب العربي بدلًا من الحلم العربي الذي لم يتبقَّ منه غير الكلمات العابرة.

بين المسارع لأخذ الدور في الدفاع عن السلطان كشعراء البلاط في الزمن العباسي من مدح له وهجاء لكل مخالف، وبين من يحاول أن يمسك العصا من المنتصف ليوحي بأن عصاه تشبه عصا موسى عندما انشق بها البحر ليعبر بقومه وينجو من فرعون، هذا الممسك بالعصا من المثقفين العرب يستغل موجة النفاق، من زمرة شعراء البلاط إلى الحاجب مرورًا بالعصبة خلف القصر، التي تصفق كلما نطق السلطان أو أمر أو أعدم أو نفى أو قطع علاقاته وشن الحرب بسبب الخروج عن الطاعة ولو كانت عمياء لا تبصر ولا ترى.

يستغل هذا المثقف الاعلامي كل هذا الضجيج حول كلمة حق قالها زميل له في السابق ووزير في حكومة بلادي -وبلاده- ليوصّف حالة موجودة وواقعًا، وهو لم يبالغ، بل قال هناك حربٌ عبثية في اليمن ويجب أن تتوقف، ليخرج علينا بنظرية الوحدة العربية بدلاً من الخصام لأن الامبراطوريات التركية والايرانية سوف تستغل الفراغ لتتمدد داخل البلدان الممزقة، وهي دعوة لإحياء العروبة في وجه القوميات المحيطة بالعالم العربي.

عندما قرأت دعوته هذه التي لم أرَ بين مفرداتها أي ذكرٍ لليمن العربي، وهو أصل العرب جميعاً، ولم يندد بالحرب العبثية أقله، بل حتى لم يدعم موقفًا لمسؤول عربي، وهو الذي طالب بوقف حربٍ عربية – عربية.

وقد تبادر إلى ذهني سؤال: هل المعيار في الموقف هو العروبة؟ هل لبنان اليوم في خانة العداء للعروبة، أم أن السعودية تخلت عن لبنان وهو بلدٌ عربي حتى خرجت هذه الدعوة لتدق ناقوس الخطر، أن انتبهوا أيها الخليجيون لا تتركوا لبنان وحيدًا في ساحة الصراع بين المحاور، لا تتيحوا الفرصة للفرس أو الترك أن يملؤوا الأماكن؟!

الحل أن نمسك نحن العرب بأيدينا لنواجه خطر الامبراطوريات او اقله نكون ندًا لها.

قد يعجب المرء فعلًا لهذه الدعوة اذا كانت صادقة، وليست للمواربة بين اللاموقف والتموضع في خانة الرابح، ولكن سؤال بسيط، إذا كانت العروبة هي المنطلق بأي موقف، لمَ لا ترى اليمن منذ ثماني سنوات؟ لمَ لم نجد حملة عربية من المثقفين يطالبون بوقف هذه الحرب باسم العروبة التي تجمع المعتدي والمعتدى عليه؟ لمَ لم نجد الحمية العربية بالأمس تدافع عن السودان في ظل انقلاب عسكري لا يريده الشعب السوداني؟ ألم تكن حجة التحالف السعودي الإماراتي ومن معهما أن الحوثيين انقلبوا على الشرعية والشعب لا يريد حكمهم؟ لماذا لم يدِن أحد ما جرى في السودان؟ أليس هو الآخر بلدًا عربيًّا؟!

والأكثر وضوحًا فلسطين قضية العرب الأولى، ماذا فعلت العروبة؟ هل أنصفت فلسطين أم أمسكت يد العدو وتغنت بالتسامح والدم العربي يُسفك كل يوم بتهمة الانتماء للعرب؟

لقد سقطت ذريعة العروبة، فلا عروبة مع ظلم ذوي القربى، بل هناك ميزان بين الحق والباطل في كل العلاقات الدولية والدبلوماسية.

من يستمع للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وهو يهاجم ملوك السعودية في تدخلهم السافر لتفكيك اليمن، يدرك أن المخطط لا يمت للعروبة بصلة، ولا يتعلق بطموح فارسي او تركي، بل يعبر عن طمع سعودي في جاره العربي، وهم عربٌ أقحاح ومن عندهم خرجت كل الأصول العربية، ويبرهن كذب أضاليل السعودية عن التدخل الإيراني عبر الحوثيين للسيطرة على البلد الشقيق، ومن هنا كانت الغرة السعودية والاماراتية دفاعاً عن الشرعية!

في حينها كان القتال بين اليمنيين من شمال وجنوب، فهل كان دور السعودية داعمًا الشرعية آنذاك؟!

وعن موقف الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد من الحرب العراقية – الإيرانية، عندما رفض الهجوم العراقي على الأراضي الإيرانية، الهجوم الذي شُنّ بذرائع هزيلة، هل وقف ضد العروبة وهو المنحدر من حزب كانت العروبة منطلقه، والوحدة العربية والاشتراكية أهدافه، هذه الوحدة التي يطالب بها المثقف العربي اليوم فقط لأن السعودية تخلت عن لبنان وحاصرته بحجة دفاع وزيره عن شعب عربي يعاني من ثماني سنوات من حربٍ عربية مجرمة وليست عبثية فقط بحجة الدفاع عن شرعية بلاده أمام المغول والتتار والفرس والأتراك؟!

أن تكون عربيًا لا يعني أن تنصر أخاك الظالم على المظلوم، أن تكون عربياً يعني أن تتحلى بالمروءة والشهامة العربية، لا أن تدافع عن المطبعين مع أعداء العرب والخاطفين عروسهم فلسطين.

اساسيالسعوديةاليمنجورج قرداحيلبنان