ذكرى عملية الدبشة: ثلاث ثوانٍ تختصر مسيرة نصر

“مقاوم يغرس علماً فوق موقع الدبشة”
مشهد مدته ٣ ثوانٍ لكنه المشهد الذي انحفر في ذاكرتنا بكل ما لكلمة “انحفر” من معنى.
هذا ملخص عملية اقتحام موقع الدبشة المحتل التي جرت في التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول من العام ١٩٩٤.
مشهد تحول الى أيقونة نصر تفصل بين عهدين وتدخلنا في عصر جديد وتميل الدفة لصالح أصحاب الأرض ضد الصهيوني المحتل وتنبىء ان التحرير على بعد بضع سنين أو أدنى… ثم دنا فتدلى.

موقع الدبشة كان من أكثر مواقع الاحتلال تحصيناً وتدشيماً، وكانت تتحصّن فيه قوة من لواء جفعاتي، أحد أبرز الألوية العسكرية تجهيزًا وتدريبًا وأداءً في جيش الاحتلال. والموقع يقع فوق تلة استراتيجية تكشف مناطق كثيرة، محتلة ومحررة، وتسيطر عليها… نظريًا.

بعد شيوع اخبار العملية حاول العدو التخفيف من وقعها والزعم ان رجال المقاومة لم يستطيعوا الاقتراب من الموقع بل كان الاشتباك “من بعيد”! ثم زعم ان احد الجنود سقط صريعا بشظية بعد العملية بثلث ساعة! ولكن كاميرا الإعلام الحربي في المقاومة كان لها تكتيك آخر أوقع العدو في كمين اعلامي محكم وأثلج صدورنا وترك بصمته فوق لا وعينا.

كان للعملية صدى كبير في أوساط العدو لا زالت خفاياه تتكشف يوما بعد يوم. يقول موقع صهيوني: “يبدو أن الجنود لم يتلقوا تدريباً كمقاتلين فتركوا الموقع أثناء الهجوم، فتقدم عناصر حزب الله ووصلوا إلى الموقع ورفعوا علمهم فوق احدى الدشم وألقوا عبوات متفجرة ثم انسحبوا سالمين. وتبين لاحقًا انهم صوروا الهجوم ووزعوا الفيلم كإنجاز كبير للتنظيم”.

ويتابع الموقع: “وبسبب الخلل والتخلي عن الموقع تمت محاكمة سبعة جنود وحُكم على اثنين منهم بالسجن لمدة ثلاثين يوماً في سجن عسكري… وبعد سنوات تم تصنيف أحدهما كحامل “صدمة حرب” نفسية بحسب تقارير أطباء” جيش الاحتلال الصهيوني.

هذا الكلام يتناقض مع محاضر لجنة الخارجية والامن في كنيست العدو التي عقدت جلسة بعد مرور أيام قليلة على عملية الدبشة النوعية واتخذت موقفًا مدافعًا عن اداء جنود العدو يومها بوجه ما أسمته “الحملة الاعلامية غير العادلة، والتي شارك فيها ايضًا عدد من اعضاء الكنيست، ضد الوحدة وجنود الموقع، معتبرين ما جرى بمثابة فضيحة، منتقدين سلوك الجنود وتقصيرهم ما سبب نجاح المهاجمين وانسحابهم بسلام بعد تحقيق اهدافهم”.

اللجنة، والتي كان إسحاق رابين احد اعضائها، رفضت تلك الاتهامات وشددت على ضرورة الدفاع عن الوحدة المتواجدة داخل الموقع التي “كانت قد ابلت بلاء حسنًا واثبتت جدارتها في السابق مرتين في مواجهتين سابقتين مع حزب الله”.

وحول القتيل الصهيوني، الجندي ألموغ كلاين (صورته مرفقة) الذي أقر العدو بمقتله في عملية الاقتحام حاولت اللجنة المذكورة التخفيف من وقع مقتله بالتزامن مع وقع عملية غرس العلم في قلب الكيان حين زعمت لجنة الخارجية والامن في كنيست العدو أنه “بعد الأبحاث تبين ان الجندي الموغ كلاين سقط بعد ٢٠ دقيقة من انتهاء الهجوم وجراء شظية قذيفة وليس من الهجوم ذاته”! وكل ذلك بحسب محاضر جلسة لجنة الخارجية والامن في كنيست العدو.

القتيل الصهيوني ألموغ كلاين

طبعًا تناقض الروايات ناجم عن تخبط يحدده مقدار الصدمة التي كانت تسقط فوق رأس الاحتلال على مقياس الابطال من اهل الأرض وعشاقها. ولكن اللافت المضحك ما ورد في شهادة جنود العدو، بحسب محاضر اللجنة آنفة الذكر، والذين دافعوا عن ادائهم رافضين الحملة ضدهم مؤكدين انهم تصرفوا حسب المعطيات! ونقلت المحاضر عنهم أيضًا: “الجنود الذين كانوا مكلفين بالحراسة اكتشفوا أمر المهاجمين فاستعد احد الجنود لاطلاق النار الا ان زميلًا له أغلق عليه الطريق من خلال الوقوف بينه وبين الهدف!.. الجنود فضلوا ان يستدعوا تعزيزات قبل ان يباشروا في رد الهجوم الامر الذي أدى إلى خسارة لحظات ثمينة”!

خلاصة الكلام انها ثلاث ثوانٍ افقدت العدو صوابه… وغيرت مسار المعركة معه.

اساسياسرائيلالجش الإسرائيليالمقاومةحزب اللهموقع الدبشة