السعودية تصرخ على لبنان.. ونظرُها الى جهات ثلاث

من الصحيح القول إن السعودية فشلت مع سوريا ومع اليمن ومع قطر أيضاً، وذلك بكل محاولات اخضاعها لهذه الدول، إلا أنها لم تستسلم، فأكملت سياستها اليوم نحو لبنان، وذلك بنظريتها ” الجديدة ” التي خطها حكمها الجديد، والمتعلقة بالعلاقات الدولية، والتي محت فيها ثلاثية الندية، الاحترام المتبادل والتنوع، لتكرس بدلاً منها ثلاثية التبعية، الاذلال وكتم الوعي، فضلاً عن الأفواه أيضاً.

ولكن غضبتها اليوم على لبنان والتهديد بخنقه اقتصادياً، لها أبعادها التي تتخطاه بعيداً، فهي أعمق وأبعد -باعتقادي- من حنقها على تصريحات الوزير قرداحي، والذي صبت من خلاله جام غضبها على لبنان، ولاعتبارات كثيرة لا مجال لذكرها في هذه العجالة، إلا أن حنقها الأوسع والأبعد نابع من جهات دولية ثلاث، لا تملك المملكة القدرة على تهديدها أو حتى الصراخ بوجهها، إنما تنظر إليها بعين حسيرة، موجهة لها رسائل ثلاث:
الرسالة السعودية الأولى، تبعثها المملكة إلى راعي الرئيس ميقاتي، الفرنسي تحديداً، لتقول له فيها إنها قادرة على ضرب انتاج أية سلطة سياسية تنفيذية في لبنان خارج دائرة رضاها، وخصوصاً إذا كانت هذه السلطة في ما مقتته سابقاً وتمقته اليوم بإعادة ربط النزاع مع الحزب وعقد تسوية رئاسية جديدة مع الرئيس عون، وذلك من خلال الرئيس ميقاتي هذه المرة.

الرسالة الثانية، هي بالتأكيد موجهة إلى أمريكا – بايدن، وتقول لها فيها إنها قادرة على ضرب استراتيجيتها في إنعاش لبنان حتى الانتخابات المقبلة، لا بل إنها قادرة على أن تعيد لبنان إلى حافة التفكك والسقوط، والذي تُدرك المملكة أن أمريكا تخشى حدوثه، وذلك حرصاً على مصالحها ومصالح الكيان الاسرائيلي معها.

الرسالة الثالثة موجهة إلى إيران ومفادها أن مباركتها لعملية إخماد الجمر السياسي في لبنان، والذي تمثل بتشكيل الحكومة، هي -أي السعودية- قادرة على ضربه مجدداً، لا بل إنها تستطيع بعث ذاك الجمر من جديد، وذلك عبر إسقاط الحكومة، والعودة بلبنان إلى الدوامة ذاتها.

السؤال الأهم الآن: هل يوجد في لبنان رجالات سياسة قادرون بقرارهم “الحر” و “بحنكتهم” السياسية على استغلال حسر البصر السعودي تجاه تلك الجهات، بالعمل -وبقرارات أو حتى بتهديدات سيادية- على قلب السحر السعودي على ساحره؟ أشك في ذلك.

اساسيجورج قرداحيلبنان