حسين خازم – خاص الناشر |
أعتذرُ سلفًا من أساتذتي من الرّعيل الأول، رُبما لم تحن الفرصة لأحدٍ سوى للسيّد أن يحكي بعضًا من سيرة رجلٍ ماتَت مع موته حكايا كثيرة، سيتحدّث بها الزمان يومًا ما.
تسجيلٌ طويل، اختصر فيه الحاج مصطفى شحادة مسيرة تأسيسٍ لقوّة مؤمنة، بدأت من قاذفٍ واحد يتنقّل بين نقاط المحور، ولم تنتهِ بقوّة باتَت “قلب المحور”.
جرَت العادة، كأبناء الجيل الثالث من حزب الله، أن نسمعَ عن الشّهيد لا منه، وعن القائد لا منه، إلّا أن الحاج مصطفى تحدَّث هو عن نفسه، لا كبطلٍ هو أقرب للمسلمين في مكّة قبل فتحها، بل كنُقطةٍ في بحرٍ هائج لا شاطئ له، وأيُّ نقطةٍ كان!
سمعتُ من أحدهم بعد رحيله اعترافًا، أن “الحاج” هو من أخذ بيده، وهو صاحب الفضل في أن يكون هو أيضًا نقطةً في ذاك البحر. ولعلّ الكثيرين من الذين لم نعرفهم في نفس تلك الحال.
لم يكُن صاحب الصّوت الجميل في أداء اللطميات، على طريقة أولئك الذين يتهافت الناس على الحضور تحت منبرهم، إلّا أنه كان صادقًا، “ليس منّا من يهادن”، ولم يهادن يومًا، حتّى أمام مرضه، صدرهُ مفتوحٌ للنيران كما لإخوانه، منضبطٌ حدّ “عدم دخول مالك إلى خيمة معاوية لقتله”، يعضّ على الجرح كما في فتح الله، كانوا “حبّات قلبه” أولئك الفتية المظلومون.
رسمَ الحاج مصطفى، بمقطع فيديو، قيلَ إنه في عزاء أخيه الشّهيد، طريق حزب الله الذي لم ينحرف رغم كل المغريات، “همّنا تحرير القدس”، كرّرها ثلاثًا حتّى تبقى في أذُن التاريخ لا في آذان الحضور.
حزبُ الله، الشجرة الطيبة، هو ثمرة أعمار هؤلاء، أمثال الحاج مصطفى، فتيانٌ بشعر أجعَد ولحيةٍ طليقة، بعضهم انتقل إلى بيت الزوجيّة بفرشتين للنوم، وقاذف ب – ٧ للمجموعة، وآخرين لم يعلم أطفالهم أنهم ينامون تحت “سلاح المجموعة” الموجود في “التتخيتة”، بما فيها قاذف الـ ب – ٧ نفسه، الذي تحوّل إلى تهديدٍ لكيانٍ هشّ يقف العالم بأسره خلفه، يدُ الله نفسها تلك التي “مدّت إلينا السلاح”.