أربك سقوط مديرية العبدية بيد أنصار الله، قوات عبدربه منصور هادي الموالية لتحالف العدوان السعودي على اليمن. فتلك القوات تترقب سقوط ما تبقى لها من خطوط دفاع في محيط مدينة مأرب، فيما قادتها سارعوا إلى تصفية أموالهم وبيع عقاراتهم وشراء المزيد من العملات الصعبة بعد أن غادرت أسرهم مناطق أخرى لا تزال بعيدة عن المواجهات، كحضرموت والمهرة.
الكثير من المؤشرات تفيد بأن قادة قوت هادي ومليشيات “الإصلاح” في مأرب تترقّب معركتها الأخيرة. فبعد سقوط مديرية العبدية الجمعة الماضية، ارتفع الطلب على الدولار في الأسواق الخارجة عن سيطرة حكومة صنعاء إلى أعلى المستويات، ما أدى إلى انهيار سعر العملة المحلية في تلك المحافظات إلى 1400 ريال للدولار الواحد مقابل استقرار سعر الصرف في صنعاء بسقف 600 ريال للدولار .
أمام هذا الانهيار أصدر بنك صنعاء المركزي تحذيرًا لشركات الصرافة في محافظة مأرب من استنزاف العملات الصعبة، واتهم قيادات مرتزقة العدوان بالوقوف وراء سحب كتلة كبيرة من العملات الأجنبية وتهريبها للخارج. حالة الارتباك التي تسود مدينة مأرب منذ أيام دفعت التجار والصرافين إلى الحرص على تأمين رؤوس أموالهم بعملات صعبة خشية سقوط المدينة تحت سيطرة قوات الجيش واللجان الشعبية، وفرض سياسة صنعاء النقدية التي ترفض التعامل بالعملة المزورة المطبوعة من قبل حكومة هادي بكميات تضخمية واستخدامها لتمويل الحرب.
وفي محاولة لإيقاف الهلع الذي يسود مدينة مأرب وتحديداً في صفوف القيادات الموالية لحكومة هادي وقيادات حزب “الإصلاح” الذي عمد إلى نقل قطاعه الاستثماري من صنعاء إلى مأرب خلال السنوات الماضية، حاولت حكومة هادي التشكيك بسقوط العبدية، ساعية بذلك لرفع المعنويات المنهارة لقواتها والسيطرة على الارتباك الذي ساد السوق المصرفية، فكان الرد سريعًا من قوات صنعاء عبر الناطق العسكري باسمها العميد يحيى سريع، بالإعلان رسميًا، الأحد، عن تمكن قوات الجيش واللجان الشعبية من إسقاط مديريات حريب العبدية ومديريات بيجان الواقعة في نطاق محافظة شبوة، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرًا لعمليات أخرى قادمة ستكون أقوى من سابقاتها في ما تبقى من مناطق واقعة خارج سيطرة صنعاء.
وأنهى الإعلان الشكوك التي حاولت حكومة هادي تسويقها إعلاميًا مساء السبت الفائت بشأن الحصار في العبدية، أي بعد يوم من سقوط المديرية بشكل كلي وهروب العشرات من عناصر “القاعدة” و”داعش” وقيادات في قوات هادي إلى الشعاب والوديان بعد تقدم قوات الجيش واللجان الشعبية إلى مركز المديرية البدائية التي عانت من أهمال خدمي وحكومي طيلة العقود الماضية، رغم أنها إحدى مديريات المحافظة النفطية.
سقوط مديرية العبدية مثّل نكسة كبيرة لتحالف العدوان الذي نفّذ أكثر من 400 طلعة جوية في العبدية طيلة 21 يومًا من إطباق الحصار على قوات هادي وعناصر التنظيمات الإرهابية ومليشيات “الإصلاح”، ونكسة لقوات هادي التي رفضت كافة مبادرات حقن الدماء التي قدمتها صنعاء على مدى الأسابيع الماضية، واعتمدت على عناصر “القاعدة” و”داعش” لخوض حرب عقائدية مع قوات الجيش واللجان الشعبية، وحاولت تسويق العبدية إنسانيًا ديبلوماسيًا لتأجيل اقتحام المديرية بعد تلقيها وعودًا سعودية بتنفيذ عملية إنزال جوي تعزز قواتها المحاصرة، أملًا في أن تستعيد زمام المبادرة ويتم فك الحصار عنها.
المتحدث باسم قوات هادي العميد عبده مجلي، اعترف بسقوط العبدية، وأرجع ذلك إلى استخدام قوات الجيش واللجان الشعبية سياسة الأرض المحروقة، فيما واصلت وزارة إعلام هادي سياسة التضليل بقيامها بشن حملة إعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطالب فيها بفك الحصار عن العبدية، ولاقت سخرية واسعة من قبل الموالين لتحالف العدوان الذين اتهموا “التحالف” بخذلان مأرب، فيما اضطرت قناة العربية لحذف الخبر الذي كانت قد أعلنته عن فك الحصار عن العبدية.