الانتخابات النيابية العراقية.. من يشكل الحكومة؟

البرودة التي رافقت سير الانتخابات البرلمانية العراقية منذ أيام، انقلبت سخونة وبأعلى الدرجات عند اعلان النتائج من قبل المفوضية العليا للانتخابات بعدما انجلت المعركة الانتخابية عن عرس الصدريين بدلاً من العرس الوطني كما وصفها السيد مقتدى قبيل اعلان النتائج وذلك بعد حصول اللائحة المدعومة من السيد مقتدى الصدر على ٧٣ مقعداً في البرلمان وهو الرقم الأعلى بين اللوائح. أما التسخين فجاء شديد اللهجة بتغريدة لأبو علي العسكري المسؤول الأمني في كتائب حزب الله العراق ليشبه الانتخابات بالاستفتاءات في زمن الرئيس العراقي صدام حسين ويهدد بعدم السكوت عما جرى تمهيدًا لمرحلة تصعيدية.

تغريدة العسكري جاءت بعد كلام الصدر عن ضرورة حصر السلاح بيد الدولة العراقية في أول ردة فعل بعد اعلان النتائج وكأنها بيان وزاري للحكومة التي يطمح مقتدى أن يشكلها بالتحالف مع الحلبوسي الذي تلاه بحصد ٣٨ مقعدًا.

وتحدث العسكري عن التفاف على نتائج الانتخابات التي جاءت صادمة بعد تراجع لوائح الحشد الشعبي وفصائل المقاومة بفارق كبير جدًا عن انتخابات العام 2018، مشيرًا إلى الاحتيال على الشعب العراقي، وهو ما ثبتت صحته بعد سحب المفوضية العليا للانتخابات النتائج من موقعها الإلكتروني لتعلن أن هذه النتائج ليست نهائية.

اثنا عشر ألف محطة (قلم اقتراع) و٢٨٠ ، ما يعادل مليون صوت، لم يتم فرزها واحتسابها وفقاً للناطق الرسمي باسم تحالف الفتح (الحشد الشعبي) أحمد الأسدي، وهو ما أكدته الهيئة العليا للانتخابات من خلال إعادة الفرز اليدوي لهذه الصناديق والذي عدل في نتيجة اللوائح المدعومة من المالكي وأخرى من الحشد الشعبي.

إلا أن التعديل جاء طفيفًا وغير مكتمل الإجراءات من قبل المفوضية ما جعل اللجنة التنسيقية ترفض هذه النتائج جملة وتفصيلًا. وتضم اللجنة أو الإطار التنسيقي نوري المالكي وعمار الحكيم وحيدر العبادي وخميس جنخر وفالح فياض وهادي العامري بعد اجتماعهم في منزل الأخير.

اللافت أن الاجتماع الأول وبعيد اعلان النتائج الأولى عقد في منزل نوري المالكي رئيس الوزراء السابق للحكومتين العراقيتين ٢٠٠٦ و٢٠١٠ على التوالي ليظهر بمظهر القائد للحراك السياسي الرافض لنتائج الانتخابات مع أن اللائحة المدعومة من قبله جاءت بالمركز الثالث بـ ٣٧ نائبًا مقارنة بالانتخابات السابقة بفارق كبير. إلا أن المالكي يسعى لتحقيق حلف برلماني قوي ليقطع الطريق على مقتدى من خلال تسمية المرشح التوافقي إذا ما تم التوافق بين الكتل النيابية المتناقضة.

هل ينجح المالكي في الالتفاف على الكتلة الأكبر انتخابيًا، بالتحالف بين الكتل الأخرى نيابيًا ليشكل الكتلة النيابية الأكبر ويحوز فرصة تأليف الحكومة على غرار ما فعل في العام ٢٠١٠ مع إياد علاوي مستغلًا عدم وضوح الفقرة الدستورية المتعلقة بالكتلة الأكبر التي يحق لها تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، أم أنه يصار إلى توافق على رئيس حكومة بالتشاور مع مقتدى منعًا لأي خلاف لا يعلم أحد أين تقف حدوده.

أما احتمال أن يشكل مقتدى الحكومة بالتحالف مع الحلبوسي وبارزاني فهو ضئيل لأنه يعتبر إقصاء لباقي أطراف العملية السياسية وبمثابة اعلان حرب.

وحدهم الأكراد يقفون في منتصف المسافة على أمل أن يحصلوا على وعد بضمان كركوك تحت غطاء الإقليم من قبل طرفي الصراع السياسي الآن مقابل الانضمام لطرفٍ دون الآخر، الأمر الذي يبدو صعب المنال من كلا الطرفين لأسباب مختلفة، فالمالكي ومعه الحشد وفصائل المقاومة يرفضونه رفضًا قطعيًا، أما الصدر فلا يجرؤ أن يعلن موافقة على هكذا اتفاق.

رغم كل الضبابية في المشهد العراقي والحذر والترقب الشديد في الشارع العراقي إلا أن أمرًا بات واضحًا جليًا أن الانقسام السياسي اليوم هو سياسي استراتيجي وليس طائفيًا مذهبيًا وهي النقطة الايجابية الوحيدة فيما يجري، إضافة إلى سقوط صفة النزاهة على الانتخابات التشريعية التي دائمًا ما يروج الأميركي أنها ثمرة ديمقراطيته المصطنعة في العراق.

على وقع البيانات المستنكرة لنتائج الانتخابات والدعوة إلى رفضها، واستكمال الفرز اليدوي من قبل المفوضية العليا للانتخابات وزيارة الموفد الأميركي الدبلوماسي بريت ماكغورك المريبة إلى العراق للقاء عدد من المسؤولين العراقيين، يعيش المواطن العراقي حالة من الترقب والتوتر سواء من انتخب أو من قاطع لأن الرأي على ما يبدو سُرق في العراق.

اساسيالعراقمقتدى الصدرنوري المالكي