انطلقت ماكينة القوات الانتخابية بشكل اسرع من بقية الاحزاب والقوى كافة، اذا يبدو بحسب المعطيات، أن خارطة الطريق أصبحت واضحة بتعدد السيناريوهات.
القوات التي عاشت نشوة الانتصار بعد فوزٍ ساحقٍ في انتخابات جامعة LAU جبيل، تدرك تماماً صعوبة اسقاط هذا الاكتساح الجامعي على الانتخابات النيابية لأسبابٍ عدة سيفنّدها متن هذا المقال.
ولكن قبل كل شيء، من المفيد التذكير بمقالة سابقة نشرها موقع الناشر تحت عنوان “سمير جعجع عايش أزمة ثقة” https://annasher.com/?p=2424 بتاريخ ٢٩ اب اغسطس الماضي، وفيها تلفت المقالة الى انخفاض حماسة القوات بالحديث عن انتخاباتٍ مبكرة، لما استجد من احداث هدمت عمل القوات على مدى الاعوام الثلاثة الماضية، وتحديدًا الاشكالات التي قام بها مناصروها في الذكرى السنوية الاولى لانفجار المرفأ، واعتداءها على اهالي ضحايا الانفجار،. ليأتي في وقت لاحق جرم تخزين القيادي في الحزب ابراهيم الصقر وشقيقه مارون الصقر لملايين الليترات من المازوت والبنزين، ويترك بصمة سوداء على الصورة البيضاء التي حاولت القوات الترويج لها على مدى عامين متتاليين. وفيما بعد، ظهرت قضية النيترات المخزنة في البقاع وارتباطها مجددًا بالاخوين الصقر لتكون ضربةً قاسية على رأس القوات.
بالعودة الى المعطيات الانتخابية، فإن مصدرًا متابعًا لحركة معراب يؤكد أن مهمة القوات بحصد أكثرية مسيحية نيابية ليست سهلة، لأسباب عدة، واذا كان تنافسها مع التيار الوطني الحر في الدوائر المسيحية يعتبر الابرز، ثمة مشكلة جديدة تواجه القوات في هذا الوقت، فالى جانب محاولات الكتائب، اصبحت لوائح المجتمع المدني والقوى التغييرية عائقًا كبيرًا امامها.
بالرغم من كل محاولات القوات تسويق نفسها على أنها قوة معارضة ثورية تغييرية، منذ استقالة وزرائها من حكومة الرئيس الاسبق سعد الحريري في تشرين الاول من العام ٢٠١٩، وانضمامها تخفّيًا الى صفوف الانتفاضة، ولاحقًا الى تزعمها شارع المعارضة من نهر الكلب الى اقصى الشمال، الا أنها ولغاية اليوم لم تلقَ ترحيبًا من قوى المجتمع المدني.
رئيس الحزب سمير جعجع بات يدرك ذلك تمامًا، وقد نقلها الى عددٍ من زوار معراب من الصحافيين، كان من بينهم الاعلامي طوني ابي نجم الذي شغل موقع رئيس تحرير موقع القوات لمدة طويلة. وقد أعلن حربه على قوى المجتمع المدني نيابةً عن القوات، وقالها صراحةً في مقابلة تلفزيونية الاسبوع الفائت، متهمًا مجموعات من المجتمع المدني بتلقي أموالٍ اميركية، سمّى منها مجموعتي كلنا ارادة ونحو الوطن!
الى ذلك، حاولت القوات في وقتٍ سابق دخول ميدان مجموعات القوى الجديدة عبر الامينة العامة السابقة للقوات شانتال سركيس، التي ذهبت بعيدًا بالأمر فانخرطت في المجموعات وابتعدت عن القوات.
بعد كل هذا، يمكن القول إن طريق القوات نحو الاكثرية المسيحية النيابية ستكون طويلة ووعرة، فهي وفي حال نجحت بتخطي التيار الوطني الحر، لا سيما في دوائر المتن وجبيل-كسروان، لن يكون سهلًا عليها اكتساح المجتمع المدني في دائرة بيروت المسيحية وزحلة، لا سيما في حال تمكنت مجموعات المجتمع المدني من تنظيم صفوفها وتوحيد ماكيناتها الانتخابية.