وضع حزب الكتائب نحو ٧٠ عاماً من الحكم جانباً، واسقط شعار الله والوطن والعائلة. خلع الثوب العسكري عن بشير، وغضّ الطرف عن اموال أمين، وقرر على غفلة أن يلبس ثوب المجتمع المدني.
وفيما لا تزال مواقف الكتائب محط سجال بين المجموعات “الثورية”، تحاول الكتائب فرض نفسها على أنها في طليعة الثورة. الا أن السجالات بين مجموعات المجتمع المدني وصلت الى ذروتها مؤخراً، على إثر الاختلاف حول قبول انضمام الكتائب الى لوائحها الانتخابية.
المعطيات تقول إن شرخاً عمودياً سببته الكتائب في هذا السياق، فالبعض وافق على اعتبار هذا الحزب جزءًا من الحركة التغييرية، فيما يرفض البعض الآخر الانزلاق في مستنقع الاحزاب التي ركبت الثورة.
مصدرٌ في المجموعات الثوريّة أكد أن السجال لم يقتصر على هذا الامر، بل إن الحسابات الانتخابية كانت جزءًا من النقاش، اذ ووفق البيانات الموجودة بين ايدي المجموعات حتى اللحظة، فمن تستبعد غالبية المجموعات قدرتها على تخطي تكتل الكتائب مع النواب المستقلين في دوائر نفوذهم، وتحديدًا في دوائر المتن وكسروان ودائرة الشمال المسيحية، هناك حيث يمتلك حزب آل الجميل ماكينة انتخابية وكوادر حزبية وزخمًا في الاصوات التفضيلية، لا يمتلك المجتمع المدني منها شيئًا، ما يصعّب عليها مهمة خرق اللوائح الانتخابية، لا سيما في ظل وجود تنافسٍ قوي بين الاحزاب المسيحية الاساسية ذات الشعبية الكبيرة، وتحديدًا قطبا الشارع المسيحي القوات والتيار الوطني الحر.
هذه المعلومات تتقاطع مع ما وصلت اليه الكتائب مؤخرًا من معطيات الارض التي جمعتها في الفترة الماضية، اذ يجد نفسه الحزب قادرًا على استغلال زخم المجموعات توازيًا مع توظيف بلوكاته الانتخابية واصواته التفضيلية وماكيناته، لاجل الحصول على فرص اكبر للخرق في هذه الدوائر تحديدًا، وبالتالي فإن الحصول على اكثر من ٤ حواصل انتخابية على اقل تقدير في هذه الدوائر الثلاث ليس صعبًا وفق تقديرات ماكينة الكتائب الانتخابية، شرط انضمامها الى المجموعات الثوريّة.
هذا السيناريو لن تتمكن الكتائب من تطبيقه في دائرتي بيروت الاولى وزحلة، حيث إن الموازين قلبت منذ انتخابات العام ٢٠١٨ لصالح المجموعات الجديدة كتحالف وطني، لا سيما بعد احداث ١٧ تشرين، حيث تمكن المجتمع المدني من تنظيم كوادره، ويرى بحسب معطياته أنه قادرٌ على تشكيل لوائح بمعزل عن حسابات الحزب الكتائبي والنواب المستقلين حتى.
على مسار آخر، دخل حزب القوات على الخط عبر الامينة العامة السابقة له شانتال سركيس التي استقالت شكليًا وانضمت الى المجتمع المدني مؤخرًا. سركيس تقود حاليًا حملة محاصرة الكتائب وقطع الطريق امامها للانضمام الى اللوائح الانتخابية لهذه المجوعات، عبر تقديم الدعم الكافي لها، لإغنائها عن خدمات الصيفي، اذ تضمّن العرض وفق المعطيات، تقديم ماكينات انتخابية وحملات دعائية لمرشحي المجتمع المدني.
السباق البرلماني انطلق بوتيرة أعلى مما توقعته الاحزاب التقليدية والقوى المستجدّة، فيما لا تزال بعض الاحزاب عالقة بين ماضيها التقليدي، وثوبها الجديد التغييري، وفي حال رفضَها الجانبان، فإن تمثيلها البرلماني وعلى محدوديته التي افرزتها انتخابات العام ٢٠١٨، ستكون عرضة للانكسار مجددًا.