أهلًا بكم في جولة على النموذج “الديمقراطي” الأميركي في التعاطي مع مسألة الانتخابات الطلابية، التي تعتبر في أدبيات “الديمقراطية” والمواطَنة تجربة حيّة يتفاعل خلالها الطلاب على أساس المساواة وتعادل الفرص فيما بينهم وعلى قاعدة حقّهم بحرية الرأي والتعبير. ومن غير الممكن أن تؤدي هذه التجربة أهدافها في ظل قانون مركّب وفقًا لمصلحة فئة معيّنة من الطلاب ويهدف لاستبعاد فئة أخرى، لأيّ سبب من الأسباب.
لسنوات طويلة، ومع تغيير القانون من أكثري إلى نسبي، كانت التعبئة التربوية وسائر المنظمات الطلابية التي ترفض التعرّض للمقاومة تحصل على نسبة عالية من مقاعد المجلس الطلابي في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، مع تحقيق نسبة عالية من المشاركة في التصويت. ولأن هذا الأمر شكّل ازعاجًا لإدارة الجامعة، لجأت الأخيرة إلى وضع قانون “انتخاب عن بعد” مفصّل على قياس استنسابي صريح يستهدف إبعاد جبهة طلابية واسعة عن الفوز بمقاعد في المجلس الطلابي، ويضمن فوز الفئة التي تتوافق مع ادارة الجامعة وسياستها، أي ما يُسمّى بالنادي العلماني.
القانون الذي سنّته الجامعة في السنوات الثلاث الأخيرة حافل بالشوائب الواضحة التي تجعله فاقدًا للشفافية ومنتهكًا لحقوق الطلاب باقتراع نزيه وانتخاب حقيقي، وقد أدى اعتماده إلى تدني نسب الاقتراع وإلى مقاطعة الانتخابات من قبل جميع الطلاب الذي يستهدفهم هذا القانون بشكل صريح حد الفضيحة.
يفتقد القانون الإلكتروني، أيّ الانتخاب عن بعد، أي إمكانية للرقابة، ما يتيح التلاعب بالأصوات وبالنتائج، ويُسقِط عن العملية الانتخابية برمّتها الأهداف المرجوّة منها. وممّا يزيد في لاشفافية هذه العملية، ظاهرة مزاد بيع “ID & Password ” مقابل بدلات مادية أو معنوية، وحتى باستخدام أساليب الترهيب كالحرمان من منحة أو من تدريب، والذي تحدثت عنه الجمعيات التي تراقب الانتخابات في الجامعة اللبنانية الأميركية. وفي هذا الإطار، عرف غالبية الطلاب بفضيحة شراء احدى اللوائح مئة “ID” من الطلاب واقترعت عنهم، عدا عن إمكانية أن يجبر مشتري الصوت الطالب على التصويت الاكتروني بحضوره.
ولهذا، كان خيار المقاطعة من قبل الكثير من القوى الطلابية وعلى رأسها التعبئة التربوية هو الوسيلة الأفضل لرفض هذا الانتهاك المقونن لأصول العمل الطلابي، خاصة بعد أن حوّلت الإدارة المجلس التمثيلي للطلاب إلى مجلس شكلي يفتقد أي صلاحية ويخضع لقرارات الإدارة من دون أي اعتبار لرأي الطلاب ومجلسهم. وما حدث من تهديد لبعض الطلاب بالطرد حين اعترضوا على رفع الأقساط هو حالة من حالات كثيرة تجاهلت فيها الإدارة المجلس الطلابي بل أرادت تحويله إلى أداة تعمل لمصلحتها باسم الطلاب!
تجري اليوم الانتخابات التمثيلية في الجامعة اللبنانية الأميركية على وقع المقاطعة، وتتجاوز فيها إدارة الجامعة كلّ الأصول، حتى الشكلية منها، في العملية الانتخابية وفي الهدف من وجود مجلس تمثيلي للطلاب، وبذلك تكون قد قدّمت لنا نموذجًا مصغّرًا عن الديمقراطية الأميركية، وعما تريده السياسية الأميركية من الانتخابات، كلّ انتخابات: مجالس تؤدي دورًا وظيفيًا لمصلحتها تحت ستار تمثيلي، وإلغاء كلّ رأي أو جهة لا تتوافق مع مصالحها، وتفصيل قوانين وقواعد تضمن وصول الجهات التي يريدها الأميركي، والتي تمرّر له كلّ ما يطلبه منها باسم الديمقراطية.