كل آن تطل علينا محاولة للتطبيع الناعم مع الكيان الغاصب بعناوين شتى، وأدوات شتى، وعملاء شتى، الأمر الذي جعل من كردستان مقرًّا دائم الخضرة في تجربة محاولات التطبيع غير المستساغ عند أغلب شيعة العراق بعد أن أطاح مرجعهم الكبير آية الله السيد السيستاني دام ظله الوارف بالمشروع الإبراهيمي، بعد مجيء مبشر الدين الإبراهيمي الجديد، وعقد المؤتمر تحت جنح ظلام الليل في أربيل التي حاولت التملص لاحقًا منه بعد صدمة الفشل المروعة وحجم ردود الفعل والبيانات من كل أطياف الشعب العراقي، بل تنصل حتى من كان حاضرًا لهذا المؤتمر! بل أبعد من ذلك من كان مشكوكًا بهم أن لهم قدمَ نفاق في هذا التوجه تبرأوا منه، وهذا يعود إلى عدة أسباب:
أولًا؛ جاء المؤتمر على أرض يتعبرها أغلب شيعة العراق مطبخ التآمر على العملية السياسية، وهم يتلقون أوامر خارجية دل عليها وجود أكثر من مكان تجسس وتآمر على دولة إيران الإسلامية والتي قامت بشكل علني بمعالجة بعض الأهداف واوكار التجسس.
ثانيًا؛ جاء المؤتمر في مناخ زيارة أربعينية أبي عبد الله الحسين عليه السلام، أي بوقت فيه كل واحد من الشيعة مشحون بصيرةً ومزاجه ضد قتلة الحسين الممتدين الى وقتنا الحالي، وكل من يحاول قبول الكيان الغاصب هو خائن للعقيدة بالغ ما بلغ موقعه وقدره.
ثالثًا؛ جاء المؤتمر ضد المرجعية الرشيدة التي قطعت الطريق بشكل لا لبس فيه وقت زيارة البابا الى مقر آية الله السيد السيستاني دام عزه.
رابعًا؛ الكثير من أبناء الشعب العراقي غادر الحاجة إلى أصل التطبيع حتى من لم يكن مع محور المقاومة لليأس الذي حل بهم بسبب ما رأوه من أميركا وهي تتراجع أمام طالبان في أفغانستان تاركةً خلفها الغالي والنفيس من أسلحة ومعدات وأموال وجنود، وظهرت بمظهر المنهار عسكريًّا واخلاقيًّا.
رابعًا؛ مثل هذه المحاولات التعويضية عن الفشل الذي يلقاه الكيان الغاصب في كل مكان يحاول إيجاد موطئ قدم له، سواء في سوريا، او لبنان، او اليمن، او العراق، او أفغانستان، وغيرها، كل ذلك دفعه لإنعاش صفقة القرن التي ولدت ميتة، عسى ولعل يرجع لهم ماء الوجه.
كل ذلك كان انهيارًا أمام ما يحصده محور المقاومة، لا يتعدى كونه مسرحية تم تأجير مسرحها على أرض مغصوبة وأدوات لا تملك القناعة بما عُد من سيناريو كان فاقدًا لإقناع الجمهور بالدخول فضلًا عن التفاعل ونقل التجربة.