أعلنت صنعاء رسميًا خلو محافظة البيضاء وسط اليمن، لأول مرة من عناصر تنظيم القاعدة، وكشف المتحدث الرسمي باسم الجيش واللجان الشعبية العميد يحيى سريع، في إيجاز صحفي الخميس الماضي، عن تفاصيل سقوط مديريتي الصومعة ومسورة وأجزاء من مكيراس في أبين في عملية عسكرية جرت الأسبوع الماضي، أطلقت عليها صنعاء اسم “فجر الحرية”، واستهدفت بالدرجة الأولى ما تبقى من أوكار لعناصر القاعدة وداعش المرتبطة بتحالف العدوان السعودي ـ الإماراتي.
وأسفرت العملية عن سقوط أبرز معاقل تنظيم القاعدة في اليمن وشبه الجزيرة العربية في مديريتي الصومعة ومسورة، وسبعة ألوية عسكرية تابعة للتنظيم الإرهابي، ووقوع قرابة 225 مسلحًا ما بين قتيل وجريح، من القوات المساندة التي تتبع تحالف العدوان، بينهم عناصر وقيادات من القاعدة، وأسر 40 آخرين، وتم تحرير عدد من المواطنين من معتقلات القاعدة في الصومعة.
وأوضح مصدر عسكري في صنعاء لـ”الناشر” أن استكمال تحرير الصومعة ومسورة بمساحة إجمالية تقدر بـ2700 كم مربع “حدث عسكري كبير أنهى حقبة زمنية سوداء من سيطرة التنظيمات الإرهابية على المديريتين استمرت قرابة 14 سنة بتواطؤ من الحكومات السابقة وحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، بضوء اخضر أميركي ودعم سعودي مفتوح”.
معركة تحرير محافظة البيضاء من عناصر تنظيم القاعدة بدأتها قوات الجيش واللجان الشعبية منذ وقت مبكر، وعبر الاتفاقات القبلية دشنت أنصار الله معركتها المصيرية مع القاعدة في البيضاء، وهو نفس النهج الذي اتخذته في معركة استكمال تحرير المحافظة التي كانت معظم مديرياتها مغلقة للقاعدة وداعش خلال سنوات ما قبل العدوان والحصار، تمارس فيها مهام الدولة ولديها أجهزة أمنية ومحاكم خاصة بها خارج نطاق الدولة.
هذه المعركة بدأت في 30 أيلول 2014، أي بعد دخول حركة أنصار الله صنعاء بأسبوع فقط، فقد كانت محاربة التنظيمات الإرهابية من أولويات الحركة. المعركة الأولى بدأت بالسيطرة على مديرية رداع التي تعد المركز التجاري لمحافظة البيضاء أواخر تشرين الأول من العام نفسه، ومنها تم تطويق منطقة المناسح التابعة لمديرية رداع، التي كانت أحد أهم معاقل التنظيم الإرهابي، وبعد مواجهات عنيفة جرت مع عناصر القاعدة في محيط المنطقة انتهت أول عملية موجهة ضد تنظيم القاعدة في البيضاء بالسيطرة الكاملة من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية على معقل القاعدة في المناسح وفرار كافة العناصر نحو معقل منطقة يكلا في بلاد قيفة شرق المحافظة باتجاه مأرب. وخلال العام الأول والثاني من العدوان سيطرت قوات الجيش واللجان الشعبية على مديريات السوادية ورداع والطفة ومكيراس والبيضاء وصباح ومدينة البيضاء والعرش والقريشية والشرية والرياشي، ومعظم تلك المديريات انضمت إلى حركة أنصار الله دون قتال، فيما بقيت مديرية الملاجم التي كانت امتداد لتنظيم القاعدة قبل العام 2015، محل تنازع وخط تماس بين قوات الجيش واللجان الشعبية وقوات محسوبة على هادي، ليتم السيطرة عليها بشكل كلي في حزيران 2020 مع عدد من المديريات كقانية وردمان.
وتحت غطاء من قوات هادي وفي المناطق التي كانت تحت سيطرتها، تنامى نشاط تنظيمي القاعدة وداعش في مديريات قيفة وولد ربيع، وارتكبت عناصر التنظيم جرائم قتل وذبح وخطف بحق المواطنين. وفي مطلع آب من العام الفائت خاضت قوات الجيش واللجان الشعبية ثاني أهم عملية عسكرية استهدفت أبرز معاقل التنظيمات الإرهابية في البيضاء، وبعد سبعة أيام من المواجهات العنيفة التي شارك فيها الطيران الحربي السعودي مساندًا التنظيمات الإرهابية سقطت معاقل الإرهاب في منطقتَي يكلا وقيفة بالبيضاء، وتمكنت قوات الجيش واللجان الشعبية من تحرير 1000 كلم والسيطرة على 14 معسكرًا تابعًا للتنظيمات الإرهابية (القاعدة وداعش)، كانت الأخيرة تمتلك ستة معسكرات منها.
وتعد العملية الأخيرة التي أنهت وجود القاعدة وداعش في البيضاء، آخر عمليات تحرير المحافظة من سيطرة وتحكّم التنظيمات الإرهابية، وبذلك تكون قوات الجيش واللجان الشعبية قد قطعت أحد أهم أذرع الولايات المتحدة الأميركية في اليمن، وأنهت أبرز ذرائع تدخلاتها في البلاد تحت غطاء مكافحة الإرهاب.