زيارة وزير الدفاع السوري الى الأردن.. الأبعاد والدلالات

في خطوةٍ هي الأولى من نوعها قام وزير الدفاع السوري بزيارة إلى المملكة الأردنية. فما هي دلالات هذه الزيارة وأبعادها؟
هل تنحصر في التنسيق الأمني لضمان تنفيذ مشروع نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسورية؟ أم تتوسع آفاقها لتصل إلى عودة العلاقات السورية الأردنية وما يمكن أن يتمخض عنها من حلحلة أهم العقد الشائكة بين البلدين كملف المخيمات وعودة اللاجئين وضبط الوضع الأمني على الحدود بين البلدين وطمس بؤرة عصابات الموك المتواجدة على الحدود الأردنية والمدعومة من قبل غرفة عمليات مشتركة أمريكية-إسرائيلية وتخفيف أعباء الحصار الاقتصادي على سورية جراء العقوبات الأمريكية من خلال تفعيل دور معبر نصيب الحدودي بشكل أوسع ليلبي حاجات سورية من عملية الاستيراد والتصدير؟

ليس غريباً أن تتخلى أميركا عن عملائها من العصابات المسلحة في الجنوب السوري والمتمترسة بدشم الدعم الأميركي-الإسرائيلي السياسي واللوجستي وتدفق المال والسلاح في شرايين تواجدها العسكري وبقائها في الميدان، خصوصًا وأن الدور الأميركي بدأ يتراجع بشكل ملفت في المنطقة. ولكن لا يمكننا في الطرف المقابل أو في محور المقاومة أن نراهن على تراجع وانحسار الدور الأميركي أو أن ننتظر من أميركا أن تكون دولة مأمونة الجانب في يومٍ ما طالما أن الكيان الإسرائيلي يفتك بجذور منطقتنا بدعمٍ منها، وكذلك لا يمكننا أن نراهن على دولة عربية مثل الأردن وذلك لسببين:
الأول: أن العائلة الحاكمة في الأردن تاريخيًا من الصعب الوثوق بها مجددًا بعد أن طعنت سورية في ظهرها إبان حرب تشرين التحريرية حين انطلق الملك حسين على متن حوامته العسكرية إلى تل أبيب ليُفشي سرَّ تدريباتٍ عسكرية مريبة للجيش السوري يتحضر من خلالها لشن حربٍ على إسرائيل، ويحشد قواته على جبهة الجولان عام 1973م.
الثاني: أن المملكة الأردنية دولة تعتمد في اقتصادها على المساعدات الغربية وهذا ما يجعلها مجردة من أي استقلالية في القرار ومجبرة على التبعية الكاملة للسياسة الغربية.
وهذا ما يفسر موقف الأردن من الحرب المفروضة على سورية والذي يوصف بموقف العبد المأمور الذي لا يملك إلا أن ينفذ أجندة أسياده.

لذلك أرى أن هذه الزيارة لوزير الدفاع السوري إلى الأردن هي فقط من أجل التنسيق الأمني وتشديده على الحدود بين البلدين لأن انطلاق مشروع بحجم نقل الغاز المصري إلى لبنان عبرهما يحتاج إلى ظروف آمنة كليًا وأوضاع مستقرة على الحدود خصوصًا بعد أن خرجت أفعى داعش من جحرها مجددًا وتبنّت استهداف أنبوب الغاز في دير علي والذي أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن كامل سورية.

فيما عدا ذلك لا يمكننا أن نراهن على المملكة الأردنية أكثر من هذا الحد طالما أننا لا نراهن على ضوء أخضر أميركي أكثر انبعاثًا في هذا الشأن
ويبقى الرِّهان وحدهُ على أمرين اثنين:
الأول: الشعب الأردني الشريف الذي أثبت أنه يستحق هذا الرهان وعلى قدر التحدي المطلوب منه من خلال مواقفه الداعمة لغزة والتي تجلَّت على الحدود الأردنية الفلسطينية في معركة سيف القدس.
والثاني: قوة المقاومة واقتدارها وتأثيرها وكسبها المزيد من الجولات وإحرازها المزيد من الانتصارات في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها وهذا ما سيعطي الدافعية للشعب الأردني وغيره من الشعوب العربية لتكون لهم الكلمة الفصل في الاصطفاف إلى طريق الحق والسيادة والاستقلال والمقاومة وأيضًا هذا فقط ما سيجبر الإدارة الأمريكية على رفع رايتها البيضاء لتنحني تلقائيًا رؤوس الشياطين من أدواتها التابعة لها سواء الدول أو الأحزاب أو الجماعات أمام معجزات المقاومة.

اساسيالاردنسوريا