إن وحدة الحال بين سورية ولبنان ليست فقط وحدة تحكمها المصالح السياسية والاقتصادية المتقاطعة أو تفرضها الحدود الجغرافية أو البيئة الثقافية والاجتماعية فحسب، بل هي أيضاً وحدة امتزاج الدم وتقرير المصير في مختلف المعارك وساحات المواجهة العسكرية التي خاضها البلدان، حيث تحكي الكثير من صفحات التاريخ ووقائع الحاضر عن امتزاج الدم السوري بالدم اللبناني منذ الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982م إلى يومنا هذا.
فمن سناء محيدلي التي لقنت العدو الإسرائيلي درساً سورياً- لبنانياً قاسياً واختارت أن تُزفّ أشلاؤها إلى تراب لبنان فتنال شرف عروس الجنوب، وصولاً إلى جهاد مغنية ورفاقه الذين حاكوا بدمائهم الطاهرة معطفاً يغطي بالدفء ليالي مرتفعات القنيطرة الباردة، وليس انتهاء بعميد الأسرى العرب سمير القنطار والسيد ذو الفقار، هناك الكثير، بل لا أبالغ إن قلت إن في كل حقلٍ من حقول سورية حبة رمانٍ لبنانية تثمرُ شجرةً طيبةً أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء.
وقد تحدث السيد الرئيس بشار الأسد في أحد خطاباته مشيداً بهذا القران المقدس بين الدم السوري والدم اللبناني والذي كان مهره أرواح أشرف القرابين وأخيرهم من القادة والسادة من أبناء الجيش العربي السوري ورجال حزب الله اللبناني مشيراً إلى الدور المهم للمقاومة اللبنانية في تحرير الأراضي السورية إلى جانب الجيش العربي السوري، خصوصاً على الحدود المتاخمة للبنان كالقصير وجرود عرسال وغيرها.
وكان لا بد من هذا الالتحام والانسجام العسكري لحفظ أمن واستقرار كلا البلدين؛ فقد شهدنا كيف أثرت الحرب في سورية سلبًا على لبنان وأحدثت اضطرابات أمنية في الداخل اللبناني كما حدث في طرابلس جراء الفلتان الأمني في سورية وسيطرة المجموعات المسلحة على المناطق الحدودية.
كما تحدث أيضًا سماحة السيد حسن نصر الله في أكثر من مناسبة عن الدور السوري التاريخي في حرب تموز عام 2006م
حيث كانت الجبهة لبنانية-سورية بامتياز ليس فقط عسكريًا بل سياسيًا وإعلاميًا وثقافيًا واجتماعيًا كان أهمها تصدي السيد الرئيس بشار الأسد وحيدًا معلنًا موقفًا سياسيًا مشرفًا ورفيعًا داعمًا للبنان الشقيق ضد العدوان الإسرائيلي الغاشم عليه في القمة العربية الهابطة، وتصدرت أخبار لبنان وقتها كل شاشات التلفاز في سورية وفتح الأهالي في سورية بيوتهم وقلوبهم لأشقائهم المهجرين من لبنان جراء الحرب.
فسورية ولبنان البلدان اللذان تقاسما معًا ظروف الحرب وأهوالها وما تخلفه من دمار وحصار ودماء وشهداء، وصنعا معًا استحقاق النصر والفتح والتمكين لا يمكن أن تفرقهما بأي شكل من الأشكال أروقة السياسة أو وشاية الحاسد أو فتنة الحاقد من العدو الخارجي أو أدواته في الداخل من بعض السياسيين الفاسدين وأبواقهم الضالة المضلة والتي باتت مفضوحة بشكل واضح.