اثارت المظاهرات الغاضبة التي اتسع نطاقها في المحافظات الجنوبية خلال الأيام الماضية، مخاوف دول التحالف السعودي ـ الإماراتي التي وجهت كافة المليشيات المحلية التابعة لها لاستخدام القوة لقمع الاحتجاجات السلمية في مختلف المحافظات، وحاولت جاهدة لإجهاض الاحتجاجات، رافضة الاستجابة للمطالب الشعبية المتمثلة بوقف انهيار العملة وتحسين الوضع المعيشي وتقديم الخدمات العامة.
لكن خيار مواجهة الاحتجاجات بالقوة فشل حتى الآن في شوارع المدن الجنوبية التي تشهد مصادمات عنيفة بين المحتجين الغاضبين ومسلحي المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات في عدن. وفي مدينة المكلا في حضرموت أدت الصدامات إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، ما دفع السلطات المحلية إلى فرض حظر تجوال في المدينتين. وفيما كانت حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، تنتظر تدخل الرياض وابو ظبي لإنقاذ الوضع وتقديم دعم اقتصادي عاجل، عبرت دول اللجنة الرباعية (السعودية، الإمارات، بريطانيا، أميركا) عن قلقها من تصاعد الاحتجاجات في جنوب اليمن ومن انخفاض قيمة الريال اليمني وارتفاع اسعار السلع الغذائية. وأكدت الدول الاربع التي كان لها دور بارز في ما آلت إليه الاوضاع الانسانية والاقتصادية في تلك المحافظات، في بيان مشترك نقلته وكالة الأنباء السعودية “واس”، على ضرورة عودة حكومة هادي إلى مدينة عدن لتقديم الخدمات والعمل على استقرار البلاد اقتصاديا. ورغم إشارة البيان إلى تعهد تلك الدول بتقديم الدعم للاقتصاد اليمني المنهار إلا انه لم يحدد نوعية الدعم ولا آلية واضحة له.
اللجنة الرباعية الدولية هي التي أقحمت الاقتصاد اليمني في الصراع وأيّدت خرق الهدنة الاقتصادية التي سادت خلال فترة ما قبل أيلول 2016، وأدت إلى انقسام مالي ونقدي في البلد، وأيّدت خلال اجتماعها مطلع آب من العام نفسه في مدينة جدة بمشاركة وزير الخارجية الأميركي في حينه كولن باول، خطة سعودية ـ إماراتية تضمنت نقل البنك المركزي من صنعاء وإغلاق مطار صنعاء واغلاق ميناء الحديدة، وتشديد الحرب الاقتصادية للضغط على حركة “أنصار الله”، لتصنع بتلك القرارات التي نفذتها حكومة هادي اسوأ ازمة إنسانية في العالم. وقد ركزت هذه اللجنة خلال اجتماعها الخميس الماضي في الرياض، على مصالحها واجندتها في المحافظات الجنوبية والشرقية وتركت المواطنين يواجهون اوجاعهم التي شاركت في صنعها قبل خمس سنوات.
البيان الأخير، الصادر عن الرباعية التي لها تواجد عسكري في تلك المحافظات التي تعيش أوضاعًا مأساوية نتيجة انهيار العملة وتدهور الأوضاع الخدمية والأمنية والاقتصادية، قوبل بانتقادات حادة من قبل ناشطين موالين لحكومة هادي، الذين اعتبروا استمرار الاحتجاجات ومواجهة صلف المليشيات الموالية لدول التحالف السعودي الاماراتي ضرورة لإنقاذ الوضع من الانهيار وبداية لطرد الغزاة والمحتلين، مشيرين إلى أن المواثيق الدولية تحمل السعودية والإمارات المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع في المحافظات الجنوبية كونها دولًا محتلة شاركت في تدمير الاقتصاد وحولت حكومة هادي التي تتمسك بشرعيتها إلى أداة لتنفيذ سياستها في اليمن.