السعودية وإيران في لبنان: مَن يعمل خيرًا حقًّا ومَن السجّان؟

ضاع معظم اللبنانيين في مفهوم “الخير”، وصاغوا كلماته وفقًا لأهوائهم ومصالحهم الشخصية، فنسوا من مد لهم يد العون صدقًا، ومن عمل في المقابل على إذلالهم وإخضاعهم بمختلف الطرق.

ترى مجموعة كبيرة من اللبنانيين أن لبنان محتلّ من الجمهورية الاسلامية في ايران، حيث تُتخذ القرارات، برأيهم، وفقًا لما يتناسب مع مصلحة إيران العليا، في حين أنه في الواقع تمارس السعودية وفقًا للمعطيات الموجودة، أقسى أنواع الحصار مع أولياء نعمتها في الولايات المتحدة الأميركية و”إسرائيل”.

عانى لبنان منذ عدة سنوات من مشاكل كثيرة ساهمت في وصوله إلى الوضع الذي يعيشه اللبنانيون اليوم. وإن أردنا عرض كل ما فات، سيجد اللبناني نفسه أمام امتحان حقيقي للتأكد من صلاحية ضميره وقول كلمة الحقّ في وجه سلطان جائر.

مرّ عام ٢٠١٧ بغموض تام، فلم يعلم أحدٌ حقيقة ما جرى في السعودية سوى أن سعد الحريري، رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك، قد أعلن استقالته في تصريح متلفز من السعودية بعد أن اعتُقل من قبل دولة ابن سلمان. أثار هذا الحدث غضب جميع اللبنانيين، فليس من الأمر الطبيعي أن يُعتقل رئيس حكومة دولة لأسباب مجهولة، وأن يُعلن استقالته من دولة غريبة، أو من خارج بيت الوسط اللبناني. وكل ما جرى جاء عكس التوقعات، حيث كانت الأجواء تتّسم بالإيجابية مع المملكة. أما بالنسبة ليومنا هذا، وإن أردنا عرض جزء من الحصار الذي تمارسه السعودية على لبنان عامّة والشعب اللبناني خاصّة، فلا بد من ذكر القرار الأخير للمملكة بمنع استيراد البضائع اللبنانية بعد اختراعها لتهمة باطلة طالت الدولة اللبنانية، ذلك بالإضافة إلى منع مواطنيها من السفر إلى لبنان لضرب القطاع السياحي والامتناع عن إرسال المساعدات، وذلك بهدف المشاركة في مشروع التجويع الذي تمارسه أميركا على شريحة كبيرة من اللبنانيين، لكنها طالت الجميع من دون استثناء.

أما في المقابل، وفي حين تُتّهم الجمهورية الإسلامية في إيران بالعمل ضد مصلحة اللبنانيين، فلم نرَ منها سوى الخير ومدّ يد العون في أحلك الليالي ظلمة. لم تكن حرب تموز ساحة معركة طرفين اثنين لا ثالث لهما، بل كان العدو يتلقى دعمًا خارجيًّا من بعض الدول العربية المجاورة والغربية. يومها، دعم الأميركي ودول عدّة الاسرائيلي في حربه على لبنان، حيث دمّر العدو البيوت وسقط الضحايا من شيوخ ورجال ونساء وأطفال. لم تدم الحرب سوى ٣٣ يومًا، ولكنّها رغم الانتصار، خلّفت وراءها دمارًا هائلًا كان سيحتاج لسنوات عدّة لولا أن مدّت الجمهورية الاسلامية في إيران يد العون وتسلمت إعمار الضاحية الجنوبية وأعادتها لسكانها عروسًا بهيّة. دون أن ننسى المساعدة الإيرانية في إعمار الكثير من مباني المدن والقرى التي طالها العدوان الإسرائيلي.

أما اليوم وفي ظل الحصار الذي نواجهه، حيث يفتقد اللبناني أدنى مقومات العيش من ماء وكهرباء وبنزين ومازوت، فلم تبخل الجمهورية الإسلامية علينا وأرسلت سفنها بحرًا، مليئةً بمادتي المازوت والبنزين لإنقاذ اللبنانيين ولو بنسبة محدودة من بؤرة العوز والحصار.

هذا القليل مما شهدناه من الطرفين، فمملكة الخير تلك، لم نرَ منها سوى شرًّا وحصارًا ساهما في تقليص مقومات عيش اللبنانيين، وزيادة نسبة معاناتهم، أما إيران، فلم تبخل يومًا بتقديم كل ما تملكه من إمكانات بمختلف أشكالها لمساعدة اللبنانيين، من دون أي شروط أو التزامات تفرضها على الدولة اللبنانية وشعبها. فمن يعمل خيرًا حقًّا هنا؟ ومن السجّان؟

اساسيالسعوديةايرانحرب تموزسعد الحريريلبنان