لا يتوقف النضال الفلسطيني عن كونه عبرة للشعوب والأمم، فعلى الرغم من محاولات التصهين العربية الا أن الشعب الفلسطيني لن يكف عن تلبية النداء لنصرة أرضه المغتصبة.
بدأت الانتفاضة الأخيرة في القدس في أيار ٢٠٢١ نتيجة تهديد قوات الاحتلال بطرد ٢٨ عائلة فلسطينية من منازلهم في قرية الشيخ جراح المقدسية من أجل فك الترابط الجغرافي الفلسطيني وتمديد سطوة الاحتلال في أحياء القدس بطريقة همجية-وحشية. فعلى الرغم من قسوة الاحتلال والمعاناة والتهجير اليومي الا أن المقاومة الفلسطينية آلت على نفسها ولم تستسلم ولم تخضع يومًا.
هذه ليست المرة الأولى التي يحاول الشعب الفلسطيني فيها أن يتصدى للظلم في الداخل، فعلى الرغم من الاشتباكات المتكررة على مر السنوات الاخيرة الا أن الانتفاضة الجديدة كانت نقطة قوية لضرب هيمنة الاحتلال، ومن أهم الاسباب: زعزعة الأمن والأمان عنده، والترابط الوثيق بين أطراف المقاومة الفلسطينية، ودور الاعلام في حث الأمة على مواجهته.
زعزعة الأمن في كيان العدو تشكل ضربة اساسية في أعماقه، حيث انها تشكل تهديدًا مباشرًا لوجوده في المنطقة. هذا العدو الذي تأسس بشكل لا شرعي وعمل على سلب حقوق الفلسطينيين لسنوات يخاف من فكرة المقاومة ولو كانت بالحجارة، حتى أنه يخاف من أن ينشأ جيل يحمل فكر المقاومة ويدمر الحلم الصهيوني. والدليل على ذلك بات واضحًا عند اعتقال أكثر من ٢٣٠ طفلًا فلسطينيًا في الانتفاضة الأخيرة. كذلك الأمر عند رفع العلم الفلسطيني أو أي شعار يدل على رفض الاحتلال سوف يجعل الصهاينة بحالة هستيرية كرجل يخاف من ظله.
لقد أظهرت المواجهة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الاسرائيلي تطورًا لافتًا على جميع الأصعدة، فكانت المواجهة قاسية من حيث الترابط والقوة من جهة وبين كسر حاجز الخوف عبر رفع الصوت من جهة أخرى، فكان للشباب الفلسطيني دور هام جدًا في اظهار الإجرام الاسرائيلي والحث على مقاومته كالنقل المباشر من أحياء القدس والدعوة للانتفاضة عبر جميع الوسائل الاعلامية. هذه التحركات بثت الرعب في نفوس الصهاينة وعمت أجواء الاستياء في “تل أبيب” عندما رسم المقاومون الخط الأحمر الفاصل والحاسم عبر التصدي والمواجهة والصمود.
يبدو أن المعركة الحقيقية التي ادركها العدو ليست مربوطة بالقوة العسكرية لدى الفلسطينيين وحسب ولا حتى بحجم الخسائر المادية في المدن المحتلة بل هي معركة محاربة الفكر والعقيدة لدى الشعوب المقاومة التي باتت تشكل خطرًا حقيقًيً على الوجود الصهيوني في المنطقة.
اليوم، مع انعدام الأمن، ستنعدم إمكانية القيام بالفعاليات الاقتصادية والاجتماعية داخل كيان العدو، وسيعيش الصهاينة في صراع بين التمسك بالوجود وفرض القوة، هذه القوة التي مد الله المقاومين بها دون غيرهم فباتوا منتصرين دومًا، صامدين لا يعرفون معنى الهزيمة.