مرة جديدة استطاع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تحدي الأميركي وكسر حصاره الاقتصادي على لبنان بمجرد لعب أولى أوراق المواجهة بعد اعتماد سياسة الصبر الاستراتيجي منذ بداية اللعب على الساحة اللبنانية.
اعتدنا كلبنانيين على قوة حزب الله وارادته وقدرته على الوقوف بوجه الأميركي والاسرائيلي وكل من يعتدي على لبنان وحيدًا فريدًا. لكن ما يختلف هذه المرة طبيعة الحرب على البلد والتي عرّت زعاماته قبل أن تُعري سيد الحصار بمجرد إشهار سيد المواجهة أول أسلحته.
بورقة واحدة حصد حزب الله الكثير من الانجازات وسجل العديد من النقاط على الأميركي، فكيف اذا رمى بقية أوراقه؟ لا بل أكثر من ذلك فالسيد نصر الله قال إنه بمجرد كسر الحصار نكون قد انتصرنا. واللافت أننا نستطيع تفنيده بسهولة حيث إنه اذا صح التعبير “عند أول كف اعترف الاميركي بالحصار”، فبمجرد اعلان الأمين العام لحزب الله عن انطلاق أولى السفن الايرانية محملة بالمحروقات الى لبنان كسر الحصار عن لبنان وسوريا وايران، فاستكمل الاميركي كسره بالسماح لوفد لبناني رسمي بالذهاب الى سوريا بعد قطيعة دامت ١٠ سنوات لمناقشة مسألة استجرار الطاقة الكهربائية من الاردن ونقل الغاز المصري عبر سوريا، وأكثر من ذلك جاء وفد من الكونغرس الأميركي ليحل أزمة الوقود في لبنان، وباتت الحكومة مطلبًا أميركيًّا بعد أن كان سبب التعطيل الأساسي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما فعلته سياساتهم من نتائج مضادة لأهدافهم منذ السابع عشر من تشرين 2019فوُلدت الحكومة بعد أن كانت بحاجة لدعاء، وبذلك تكون الباخرة وحدها قد حققت ما عجز عنه الداخل والخارج معاً فقد كسرت حصارًا وشكلت حكومة كانت شبه مستحيلة قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون. هذا في الظاهر، لكن عندما ندخل في العمق نرى أن خوف الأميركي يتجاوز عملية كسر الحصار الى خسارته التحكم بالمنظومة الداخلية اللبنانية.
مشهد يجعلنا نسأل الى متى سنبقى نعيش أزمة موقف لا يستطيع أحد أخذه، وأزمة صوت لا يستطيع أحد رفعه، وأزمة مواجهة لا يستطيع أحد خوضها إلا طرف واحد؟ حيث إنه دائمًا في لبنان تكون المواجهة منفردة، لكن الاستفادة جماعية. كما حصل عندما انتصرت المقاومة بحرب تموز وسألها من وقف بوجهها لمن تهدي النصر فأهدى السيد نصر الله النصر لكل اللبنانيين بمن فيهم الذين لم يقاوموا معه بموقف واحد حتى، بل أكثر من ذلك كانوا من المحرضين المتآمرين الشامتين متمنين الهزيمة وينتظرونها.
لقد أعلن السيد نصر الله المواجهة منفردًا ليخفف المعاناة عن كل اللبنانيين بمن فيهم المشككون والرافضون والمحرّضون. لم يميّز بين أحد، تمامًا كما في التحرير الأول والثاني، وهكذا سيكون في التحرير الثالث.