ترجمة موقع الناشر |
توقفت صحيفة “الغارديان” عند المدلولات الرمزية للّحظات الأخيرة لمغادرة القوات الأميركية لأفغانستان، مشددة على أنه “بعد مرور عقدين من الزمن، غادر آخر جندي أميركي دون أية مظاهر احتفالية، أو أي طابع يحمل سمات (تحقيق) انتصار عظيم” في ذلك البلد.
واستغرقت الصحيفة في وصف ملامح الجنرال كريس دوناهيو قائد الوحدة 82 في قوات الجيش الأميركي المحمولة جوًا، لدى إلقائه التحية على جنوده قبيل صعودهم على متن إحدى طائرات الشحن العسكري الثقيلة الخمس الأخيرة من طراز C-17 المغادرة لمطار كابول ليل الإثنين، موضحة أن الرجل الذي يعدّ آخر جنود أميركا على الأرض الأفغانية “حمل سلاحه بيمينه، فيما أسدلت نظرة عينيه المنكسرة على وقع سيره المنفرد الستار على المهمة سيئة الطالع لأميركا في أفغانستان” منذ العام 2001.
وتابعت الصحيفة أن صورة المسؤول العسكري وهو يهم بمغادرة أفغانستان، “ترمز إلى الانسحاب الأميركي المذل، في خضم واقع يرزح تحت العنف” هناك، مستعرضة مشهد جحافل المواطنين الأفغان الذين اجتاحوا مطار العاصمة الأفغانية قبل أيام قليلة على أمل الحصول على فرصة الرحيل مع الجنود الأميركيين المنسحبين بعد عشرين عامًا من الحرب. وأردفت الصحيفة: “في خلفية صورة دوناهيو، والتي تطمسها تقنية Blur، يظهر مطار حامد كرزاي، حيث مشهد الفوضى العارمة مؤخرًا، والمعدات والآليات (العسكرية) لا تزال مطروحة على المدرج”. وبحسب الصحيفة، فإن معدات عسكرية أميركية تقدر قيمتها بملايين الدولارات، وقعت الآن في أيدي طالبان، “العدو الذي جاءت القوات الأميركية لمحاربته”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الأميركي، خلّف خارج أسوار المطار، “بلدًا ممزقًا”، شارحة أن أفغانستان برهنت على أنها “مقبرة الإمبراطوريات”، وأنها دولة “عصية على الغزو الخارجي” رغم سقوط 3500 جندي لقوات “التحالف”، وإنفاق تريليوني دولار أميركي على العمليات العسكرية في الدولة الواقعة في آسيا الوسطى، وهو مبلغ يفوق تكاليف مشروع مارشال الذي أطلقته واشنطن لإعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، بحسب “الغارديان”.
وتابعت “الغارديان” أن “التغيير المحقق من وراء كل تلك الدماء التي سقطت، والأموال التي دفعت في أفغانستان، كان (تقدمًا) هشًا على الدوام، ومعظم ما تحقق من ذلك التغيير المنشود يبدو حاليًا في طور التغير والتبدل بشكل متسارع الوتيرة”، مضيفة أن الصراع في أفغانستان أدى إلى سقوط حوالي 47 ألف أفغاني، ونزوح الملايين منهم إلى خارج البلاد، فضلًا عن بقاء الدولة الأفغانية كـ “أول مصدر للهيرويين في العالم”، إلى جانب كونها “أكثر الدول فسادًا”، و”أقلها أمنًا واستقرارًا”.
ولفتت “الغارديان” إلى أن “الجيش الأكثر تجهيزًا في التاريخ، على مستوى العالم، برهن على أنه لا يضاهي حركة طالبان المتشددة، والبعيدة عن منطق المساومة لناحية امتلاك الصبر (الاستراتيجي)”، مشيرة إلى أن عناصر طالبان مغرمون بترداد عبارة: “نملك عنصر الوقت لصالحنا”، في حين أنه “انتهى وقت أميركا” في أفغانستان.
وذكّرت الصحيفة بموقف الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي رفض من خلاله تشبيه ما يجري في أفغانستان اليوم، بما جرى في فيتنام في سبعينيات القرن الماضي، في إشارة إلى الفوضى التي أعقبت انسحاب القوات الأميركية من سايغون في العام 1975، وفي هذا السياق، نقلت عن أحد أعضاء الكونغرس قوله إن مجريات الوضع في أفغانستان “أعادت التذكير بالضرر الذي تعرضت له هيبة الولايات المتحدة من جراء الصور بالأبيض والأسود العائدة لتلك الحقبة، والتي تظهر مروحيات تعمل على إجلاء عدد من الأشخاص من على سطح أحد المباني القريبة من السفارة الأميركية على وجه السرعة”.