ينقسم المتأمركون في لبنان إلى قسمين أساسيين: قسم ناشط مُصنّف كأداة بحسب توصيف الأميركيين أنفسهم، وقسم يحتضن الأمركة في لبنان من دون أن يكون له أي دور فعلي في تعزيزها. وإن كانت دوافع القسم الثاني بمعظمها متعلّقة بالحلم الأميركي وبالدونية تجاه الغرب بشكل عام وتجاه الأميركي “البطل الذي لا يُهزم” بشكل خاص، فإن دوافع الأدوات مختلفة تمامًا ويُمكن اختصارها بلفظة واحدة: المصلحة. والمصلحة قد تكون مادية مباشرة أو غير مباشرة، أو معنوية، وفي أغلب الأحيان تجمع الشقين المعنوي والماديّ في حركة واحدة.
أما وقد أثبت متأمركو البلد عجزهم عن قراءة واستيعاب حقيقة خروج الأميركي من المنطقة، نخصّص هذا المقال لتوجيه بعض النصائح إليهم، ولا سيّما بعد مشهد تخلّي الأميركيين عن أدواتهم وحاضنيهم في أفغانستان. عمليًا، هذه النصائح مخصّصة لقسم الأدوات والناشطين بكلّ مناصبهم وأدوارهم الوظيفية ومسمّياتهم ومجالات حركتهم، فالقسم الذي يرتبط بالأميركي حبًّا واعجابًا وسعيًا للتمثّل به سيجد نموذجًا آخر يمارس عليه دونيّته ويسكبه على أحلامه، وهؤلاء في الواقع هم مساكين لا يمكن نصحهم إلا بالتخشّن كي لا يسقطوا مغشيًا عليهم بشكل جماعي يوم يستفيقون على الحقيقة.
أما الأدوات، من اعلاميين وناشطين في ما تسمّيه أميركا “مجتمع مدني” وبغالبيتهم مصابون إما بالانفصام عن الواقع وإما بالحقد وإما بالتصفيق “لزعيم بيعرف الشيعة من ثيابهم”، ومن جماعات حزبية دموية تحترف القتل وتتمنى أن تكون “بلاك ووتر” لبنان على قاعدة أنّه “مش هينة تكون بلاك ووتر”، فالنصائح أدناه موجّهة إليهم، خاصة بعد أن ثبت بالدليل المصوّر أن أكبرهم أرخص عند الأميركي من زجاجة خمر، وأن أكثرهنّ حماسًا للأمركة أرخص بكثير من “قطّة” في حديقة السفارة:
١- الخضوع لدورات تدريب مكثّف على رمي الحبال نحو أجنحة الطائرات والتعلّق بها، فقد ثبت أن التمسّك بالجناح بكلتا اليدين يؤدي إلى سقوط المتعلّق حال إقلاع الطائرة.
٢- السكن مؤقتًا في أماكن قريبة من السفارة في عوكر كي لا تؤخرهم زحمات السير في المناطق عن الالتحاق بالسفارة ومحاولة التعلق بالطائرات في الصباح الذي ستقرر فيه أميركا مفاجأتهم فيه برحيلها.
٣- اقتناء ملابس تنكرية تحاكي أشكال القطط والكلاب المفضّلة لدى الأميركيين وارتداؤها حال سماع الخبر الجميل.
٤- تخزين ما أمكن من “قناني” الخمر عسى يصدر في ذلك الصباح قرار يقضي بجواز اصطحاب كل عميل يمتلك عددًا معيّنًا من هذه السلعة.
٥- التدرّب على البكاء بلكنة أميركية وحفظ بعض عبارات الاستعطاف التي لن تجدي طبعًا ولكن كي يشعر قائلها بأنّه أدّى قسطه الكامل من الذلّ بكلّ أشكاله، وخاب.
لم تعد النصيحة بجمل، فالعاقل يستخلصها ممّا يرى ويسمع. أما الأدوات الذين يوظفون ما يرون ويسمعون لمصلحة مشغّلهم ولو كان اشارة واضحة تدلّهم على كيفية نهايتهم، فهم يعجزون أصلًا عن الأخذ بنصيحة. هم حفنة باعت نفسها، وتنتظر فرصة لإتمام الصفقة، ولو كان تمام الصفقة دمهم وقد لطّخ جناح الطائرة.