أسس العلاقة بين الفاسدين والأميركيين

يدور نقاش دائم حول تحميل المسؤولية للفاسدين أو للأميركيين في تخريب لبنان. بحث بسيط سيوصلنا للنتيجة التالية: هما وجهان لعملة واحدة، فساد محلي وفساد دولي يتشاركان المصالح والغايات، وقبل ذلك وبعده، يتشاركان الغاية : النهب.

الاستفادة من القروض وإفلاس الدولة ورهنها للإرادة الدولية:
يحتاج الفاسدون إلى المال كهدف رئيسي لهم. بالمقابل يحتاج الأميركي والغرب عموماً إلى دول يحكمها فاسدون يقبلون أخذ قروض بشروطها، وقادرون على نهب القروض وتبديدها ومنع استخدامها في التنمية الداخلية، بما يمكِّن الغرب من رهن الدولة له، وابتزازها لعقود متمادية.

مواجهة الحالات التحررية التي تمتلك شعبية:
يحتاج الأميركي إلى مواجهة حالات التحرر والمقاومة في أي مكان، مثلما يحتاج الفاسدون، الموجودون في كل المجتمعات، إلى محاصرة حالات التحرر لأنها تفضحهم بتضحياتها وتحوز شعبية بنزاهتها أو إنجازاتها، وتشكل تهديداً للفساد القائم على أساس نهب الفقراء، مقابل التحرر القائم على خدمتهم.

الحاجة الأمريكية للوكلاء والعملاء مدفوعي الأجر:
عندما يتحرك الأميركي في أي دولة، فهو محتاج بطبيعة الحال إلى من يعمل لصالحه، وهناك فئة جاهزة دوماً لأي وكالة أو عمالة خارجية أو داخلية، هذه الفئة ليست سوى الفاسدين، الذين لا يشعرون لا بهويتهم ولا بانتمائهم ولا بالحرص على مجتمعهم، وبالتالي هناك صلة جوهرية بين المستعمر الخارجي والفاسد في الداخل.

حاجة الفاسدين للحماية الدولية من المحاسبة:
نظراً للجرائم التي يرتكبها الفاسدون في بلادهم على صعيد الإفقار والتخريب والنهب، فهم محتاجون بالضرورة إلى حماية من خارج البيئة الاجتماعية، خصوصاً عندما يقعون في المشكلات المحلية مع تصاعد الحركة التحررية أو المطلبية، كما يمكن للأميركي أن يخفف من تكلفة تشغيلهم من خلال حماية عمليات نهبهم لشعبهم ودولتهم.

حاجة الفاسدين إلى منع دخول بدائل اقتصادية:
نظراً لسيطرتهم على القطاعات المختلفة، وتنظيمهم لدورة اقتصادية داخلية تخدم مصالحهم الخاصة، فإن دخول أي استثمار دولي يشكل بديلاً عن تلك الدورة الفاسدة، يعتبر تهديداً لهم، كما يشكل تهديداً للمصالح الأميركية لأنه يوفر مدخلاً لإضعاف النفوذ الأميركي، لذلك يقفون بشكل مشترك في مواجهة البدائل.

حاجة الفاسدين إلى ردع القوى التحررية عن محاسبتهم:
نظراً للخدمات المتبادلة بين الطرفين، يعتمد الفاسدون على الأميركي عندما يتعرضون للتهديد الشعبي او للضغوط من قبل القوى التحررية، وهذا ما يجعل الأميركي أكثر تحكماً بهم واستثماراً لهم، وقد يتخلى عنهم ويأتي بعملاء مباشرين هم منظمات المجتمع المدني، في حال تعرض الفساد التقليدي لانتكاسة شعبية.

حاجة الأميركي إلى أدوات تخريبية أمنية وفتنوية:
يحتاج الأميركي في مواجهته مع القوى التحررية والتيارات الشعبية إلى أدوات ميدانية تقوم بالوظائف القذرة، دون أن يتحمل مسؤولية جرمية بالمقابل. هنا لا بديل له عن مجاميع الفساد، التي تتصل بعالم المافيا والجريمة على تنوعه، وتستفيد وتتخادم معه، بحيث تمتلك الأدوات التنفيذية للعمليات الأميركية.

حاجة الأميركي إلى تفكيك البنى التحتية للتحرر:
يعمد المستعمر إلى استخدام استراتيجيات متنوعة، منها تفكيك البنى الاجتماعية/الاقتصادية للبيئة التي ينشأ ويتطور فيها التحرر. وبالتالي فإن اشاعة ودعم وترويج وحماية الفساد والفاسدين، هو مصلحة أميركية مباشرة، فيمكن الاستفادة من الفاسدين كقوة قتالية متقدمة تعمل على تخريب بيئة التحرر، دون الدخول في مواجهات مكلفة، وبطاقة ذاتية.

حاجة الأميركي إلى من يقوم بالحصار دون تحميله المسؤولية:
خصوصاً وأن القوى التحررية تمتلك القدرة على استهداف الأميركي والتسبب بخسائر له، فإنه يعمد إلى استخدام أدوات غير مباشرة، تتيح له المجال للتحكم باقتصاد البلاد، وتوفر له الحماية والرعاية، وتنظم حملات اعلامية من خلف الكواليس لإعطائها المشروعية واتهام حركات التحرر بأنها التي تتسبب بالأزمات إما لسوء علاقتها بالغرب وإما لعدم دخولها في المواجهة مع الفساد بشكل مباشر.

حاجة الأميركي لخوض الحرب:
في مواجهة قوى التحرر لإشغالها عن مهمة التحرر عبر الحرب الأهلية، وتحويل الفاسدين إلى ميليشيات تجمع المرتزقة بعد الإفقار وحاجة الناس للعمل، فتتحول إلى جيش بديل يقاتل نيابة عن المحتل، ويعمل تحت شعارات ومبررات محلية بحسب الثقافة المتداولة.

اساسي