عن ٤ آب ومعسكرات التضليل

زينب رعد – خاص موقع الناشر |

كان الرابع من آب عام ٢٠٢٠ يومًا استثنائيًا لبيروت، ولا لسكّانها، ولا اللبنانيين عمومًا. عند الساعة السادسة وست دقائق بتوقيت معاناة الشعب وقعت النكبة. حدثٌ جلل، استثمر المعاناة والأوجاع للتصويب على أصل وجودنا؛ مقاومتنا وسلاحها.
انفجار ضخمٌ هزّ عاصمتنا، وأسهُمُ التحريض والتوجيه معلّبة ومجهّزة للانطلاق! حزب الله، نترات الامونيوم، تساؤلات طرحت وتطرح عن علاقة الحزب وتخزينه للنترات، وأخذ وردّ لاستغلال الواقعة، وتقليب الرأي العام المحلي والدولي على الحزب، وكأن من ولد من رحم الشعب يريد بأهله سوءًا.

على وجه السرعة، انطلقت الوسائل المحرّضة لبثّ سمّها، وعادت بأرشيفها لتقدّم كل ما قد نُسب بالسابق للحزب عن تخزينه لمادة النترات، كما تم تداول القضية دوليا هكذا. ففي الثامن عشر من شهر أيلول من عام 2020، اتّهمت الولايات المتحدة حزب الله بإقامة عدة “مخابئ لتخزين نترات الأمونيوم” في عدد من الدول الأوروبية، ما يدل على إقامة واشنطن رابطًا خبيثًا بين الحزب وانفجار مرفأ بيروت الناجم عن تخزين هذه المادة. قال منسّق شؤون “مكافحة الإرهاب” في وزارة الخارجية الأمريكية، نيثن سيلز، حينها: “حزب الله أقام منذ العام 2012 مخابئ لتخزين نترات الأمونيوم في أنحاء أوروبا، عبر نقل حقائب إسعافات أولية تحتوي جيوبها التبريدية على هذه المادة بينها المملكة المتحدة واليونان وفرنسا وإيطاليا وغيرها”.
وحول ما إذا كانت الولايات المتحدة تعتقد أن الحزب يقف خلف الانفجار قال سيلز “إليكم ما نعرفه:”نحن نعرف أن حزب الله خزّن كميات هائلة من نترات الأمونيوم في أوروبا… نعرف أيضًا من خلال ما شهدناه في بيروت القدرة التدميرية الكبيرة لمادة نترات الأمونيوم القادرة على التسبب بدمار هائل إن استخدمت كمتفجرات”.

أيضًا وأيضًا، أشار تقرير صحافي نشرته صحيفة «دي فيلت» الألمانية في التاسع عشر من شهر آب من العام نفسه لمعلومات “حصرية” حصلت عليها من المخابرات الغربية تفيد بأن حزب الله قام بين عامي 2013 و2014 بشراء كميات كبيرة من هذه المادة الخطرة، التي يشتبه بتورط الجماعة في تخزينها بمرفأ بيروت. والغريب أن لا أدلة قدمت إلّا اتهامات الجهة إياها وهي صاحبة الخبرة أساسًا في كتابة التقارير وتلفيق الأدلة، ليس آخرها الاستثمار في ملف اغتيال الرئيس الحريري واستنزاف الشعب اللبناني على مدى خمسة عشر عامًا من خلالها.

واللائحة تطول في ما قد قدّم ولا يزال يقدّم كـ” حقيقة دامغة” لا تقبل الشك لتثبيت وترسيخ التلفيق الموجه للحزب، بطريقة أو بأخرى من باب قاعدة “اكذب واكذب حتى يصبح الكذب حقيقة”، ويقصَف عقل المتلقي الاستهلاكي حتى يصبح أسير “أيها المتلقي صدّق ما نقوله، حزب الله هو الفاعل”.

في الخارج، يدرس أعداء الحزب ويخططون بطرق محكمة لتنفيذ الأجندات العدائية ضد مكونات وعناصر محور المقاومة، فهم على الصعيد الدولي أصحاب المقومات الدعائية الكافية في احتراف التشويه والتحريض لكل من يناهض السياسات الاستعمارية. وفي المقلب الآخر، كان للمعسكر الأميركي في لبنان أداة عرفت باسم 14 آذار، عملت ونفذت خلال السنوات الماضية مخططات البيت الأبيض لتكريس معادلاته لكنها فشلت، وخسرت الغطاء الأمريكي وصارت منسيّة في زوايا الاستهلاك السياسي.

وبعد وقوع الانهيار الاقتصادي الدراماتيكي للبنان ومحاولات تلبيس الحزب تداعيات الأزمة، أتى الرابع من آب فرصة جديدة لاستغلال هذه الجريمة والتصويب مجددًا على الحزب. مواقف ما تبقى من “أبطال” 14 آذار لم ترتقِ سوى للعبة مكشوفة، تغيّرت الأدوار و”ماريونيت” هذه المرحلة أصبحوا يمثّلون غالبية منظمات المجتمع المدني، أي المنظمات غير الحكومية التي غالبًا ما تكون الولايات المتحدة الأميركية الداعم الرئيسي لها.

نشطت حركة روّاد المجتمع المدني خلال 4 آب 2020 من خلال تقديم مساعدات مختلفة بغية تقديم الصورة الوردية لهذه المنظمات. بعد عام ومع اقتراب السنوية الاولى للحادث الأليم بدأت هذه المنظمات بالكشف عن خلفياتها إذ بدأت تشدّ عصب الشارع للتصويب مجددًا على الحزب وترسيخ الدعاية الغربية بأن من تسبب بمعاناة الرابع من آب والمسؤول هو جهة واحدة لا شريك لها، هي حزب الله.

في أجواء الذكرى السنوية لفاجعة الرابع من آب، نتمنى أن تكون الأيام القادمة حاملة الانصاف والعدالة للشعب، وأن يغلق سؤال “مَن فجر مرفأ بيروت؟” على خير.

اساسيبيروتلبنانمرفأ بيروت