“وحياة لي راحوا”.. حين يحلفُ الكاذبون

“وحياة لي راحوا..”، تحمل العبارة كمًّا ثقيلًا من الحزن والفقد والغضب، فتحسب كلّ من قالها حزينًا وفاقدًا وغاضبًا. لكن ما إن تقع عينك على الكلمات السامّة التي تلي هذا العنوان الوجداني، ستعرف حتمًا أنّك أمام مستثمرين في دم “لي راحوا”، وأمام من احترفوا استخدام كلّ شيء، حتى الموت، في خدمة المشروع الذين كلّفتهم به سفارات الشرّ.

“وحياة لي راحوا”؟ حقًّا؟
أيّ قيمة في قلوبكم لـ”لي راحوا” حين جعلتم دمهم وحكاياتهم ومظلوميّتهم ووجع أحبتهم ساترًا تطلقون من خلفه حقدكم على بيئة اجتماعية كاملة رصاصًا مسمومًا من صنع وكركم في عوكر؟

كان بإمكانكم تنفيذ أجندتكم كاملة، إذا استطعتم، وأن تتقاسموا الأدوار الخيانية دون مسّ بمئات القلوب المحترقة، ودون اساءة لمن “راحوا”، وهل أسوأ من الإتجار بالدم؟

أي مصداقية لكم بعدما وضعتم معيار الانتماء السياسي لتصنيف شهداء التفجير وأهلهم بين ضحايا يستحقون الحزن وضحايا يستحقون موتهم؟

عام كامل وأنتم تعيثون في حكايات “لي راحوا” استثمارًا مفسِدًا. عام كامل من الإتجار بقضية مسّت كلّ بيت وكلّ عائلة، وأنتم تدّعون زورًا أنّها قضيّتكم ضد من رفض الاستثمار والتسييس والاتهامات الباطلة. وعام كامل وأنتم تشهرون الحقد المدفوع الأجر، وتتباكون دمعًا مصطنعًا ككلّ انفعالاتكم، ثم تحلفون بـ”لي راحوا”.

قد يكون من بين أهالي شهداء انفجار المرفأ من يصدّقكم، أو يتمنى أن تكونوا صادقين، ظنًّا منه أنّكم ستساعدونه في إحقاق الحقّ، وربّما حزنه يعميه عن مساهمتكم المستمرة بتضليل العيون عن الحقيقة لغايات في نفس سفارات الشرّ التي تستخدمكم.

“وحياة لي راحوا”؟
وهل “لي راحوا” سلعة تتاجرون بها وتستخدمونها أداة استجلاب العروض ورفع الطلب على تفاهتكم؟ أليسوا أجمل وأغلى من أن يتحولوا إلى مادة استعراض يوميّ تتيح لكم الظهور؟ أليسوا أصحاب حق بكشف المسؤول عمّا جرى لهم، وألستم أكثر من يسعى لإخفاء حقيقة ما جرى عبر الإصرار على تسييس الملف من دون أدلة ومن دون سياق؟

ما أوقحكم! ترتكبون كل انعدام الأخلاق تحت شعار “وحياة لي راحوا!”.. تغنّون وترقصون وتحيون الحفلات الفنية باسم “لي راحوا”، بدم بارد وقلب ميّت وعقل مؤجّر لمن يدفع أكثر. تصبّون كل تفاهتكم فوق صور وذكريات “لي راحوا” وتعتدون على سموّ ذاكرتهم، تحوّلون أمكنة حفظت ذاكرة الرحيل وشكله إلى “كادر” إخراجي لتظهير تواطئكم على هيئة قضية.

اسمعوا.. التفاهة حق لكلّ من وجد في نفسه أرضًا صالحة للتفاهة وساحة للتافهين، ولا يملك أحد إجبار التافهين على الوعي. وخيانة “لي راحوا” بالنسبة إليكم أسهل من “شربة ماء”، ولا عتب عليكم كفاقدين للحدّ الأدنى من الأخلاق في مقاربة أي قضية وأي موقف، ولكن على سبيل الإنسانية التي تدّعون، كان من الأفضل لكم ولمن يصدّقكم أن تكونوا أكثر حرصًا في إخفاء أدلة استثماركم لذكرى “لي راحوا” أو أن تستثمروا بعيدًا عن العناوين الوجدانية.

“وحياة لي راحوا”، ما تسبّب به انفجار المرفأ على كل الصعد لا يعادله سوءًا وبشاعةً إلّا ما ارتكبتم وترتكبون باسم كلّ من تأذى وتضرّر، وباسم “لي راحوا”.

اساسيبيروتلبنانمرفأ بيروت