أجرى موقع اتحاد الطلبة في إيران حواراً صحافياً مع رئيس تحرير موقع الناشر، حمزة الخنسا، حول الوضع الداخلي في لبنان، لاسيّما مسألة تشكيل الحكومة، هذا نصّه
1 . ما هي العوامل التي تعتبرها مؤثرة في فشل القادة السياسيين اللبنانيين في تشكيل الحكومة؟ وإلى متى سيستمر هذا الوضع؟
- أتت محاولات تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة في مرحلة حساسة من تاريخ لبنان، بحث يعاني البلد من أوضاع اقتصادية صعبة للغاية، إضافة الى صراع سياسي جذري وجدت الأطراف المتصارعة نفسها فيه أمام وضع غير مسبوق. وفي الحقيقة، فإن التدخلات الخارجية لعبت دورًا أساسيًا في عرقلة الجهود التي بذلها أكثر من طرف لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة على الملف الحكومة، إذ لا يخفى على أحد تأثير الفيتو السعودي الذي رفعه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في وجه الرئيس المكلف سعد الحريري، الأمر الذي وضع الرجل في موقف محرج، إذ لا هو قادر على التشكيل وأيضًا غير قادر على الاعتذار. فتشكيل الحريري للحكومة بصرف النظر عن الفيتو السعودي يعني أنه أصبح بمواجهة مباشرة مع السعودية بما تشكله من رافعه سياسية وطائفية للحريري وتياره، والاعتذار عن عدم التشكيل يعني خسارة الحريري فرصة مناسبة له لإعادة ترميم وضعه الشعبي والمالي المنهار بعد خسارته الفادحة والتي أدت إلى إفلاس وإغلاق العديد من شركاته ومؤسساته التي ورثها عن والده رفيق الحريري.
يضاف الى الفيتو السعودي، ضغوطات سياسية واقتصادية اميركية زادت الوضع تعقيدًا، إذ تلعب الولايات المتحدة الأميركية في لبنان اليوم ورقة المنظمات غير الحكومة التي مولتها ومكنتها في محاولة منها لدفعها الى واجهة المشهد السياسي في لبنان لتكون بديلًا متاحًا عن الاحزاب والشخصيات التقليدية التي كانت تعتبر صوت واشنطن ويدها في الحياة السياسية والاقتصادية اللبنانية.
كل ما تقدم لا يعني أن العامل الوحيد للأزمة اللبناية هو العامل الخارجية فقط. فالعوامل الداخلية لعبت دورًا مؤثرًا أيضًا، إذ تجد معظم الأطراف نفسها أمام تحدٍّ وجودي يتعلق بحجمها ودورها المستقبلي. لذا يحاول كل طرف تحسين شروطه وتقوية أوراقه ليتمكن من مواجهة المرحلة الجديدة التي ستبدأ بناءً على نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة
2 – ما هو برأيك الدافع الرئيسي للحكومات الغربية – وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا – للتدخل في الشؤون الداخلية للبنان؟ وإلى أي مدى أثرت أفعالهم على الأزمة اللبنانية الحالية؟
- التدخلات الخارجية في لبنان، وخصوصًا من قبل الولايات المتحدة وفرنسا، ليسة جديدة على المشهد السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي المحلي. لفرنسا دور تاريخي في لبنان بصرف النظر عن تقييم هذا الدور سلبًا أو إيجابًا. وهي ترى أن لبنان ساحة متقدمة تستطيع من خلالها ترجمة نفوذها وسياساتها الخارجية كقوة عظمى، إلا أن هذا الدور تراجع كثيرًا في الحقبات الأخيرة بفعل تقدم الدور الأميركي تارة، وتلزيم واشنطن الملف اللبناني للسعودية تارة أخرى.
أما بخصوص الدور الأميركي في لبنان، فهو غير منفصل عن المصالح الإسرائيلية، إن كان من زاوية سياسية أو اقتصادية أو حتى أمنية/عسكرية. فالولايات المتحدة تصوغ هوامش أدائها في لبنان بما يؤمن المصلحة الاسرائيلية، وقد ظهر ذلك جليًا في مراحل كثيرة مثل الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على لبنان، وملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة حيث تلعب واشنطن دور الوسيط غير النزيه الذي يضغط من أجل فرض ترسيم يراعي مطامع إسرائيل بالثروة النفطية والغازية في المياه اللبنانية.
وقد أثرت هذه التدخلات الأميركية والفرنسية والسعودية ضمنيًا، بشكل سلبي على الحياة السياسية في لبنان، وخصوصًا في ملف تشكيل الحكومة الجديدة، إذ وضعت شروطًا تعجيزية أمام الحريري وغيره من الأسماء التي من الممكن أن تتصدى لتشكيل الحكومة، تتمثل في عدم إشراك ممثلين عن حزب الله في أي حكومة مقبلة، وهذا شرط تعجيزي وتخريبي وغير قابل للتحقق.
3 – بالنظر إلى الأحداث الجارية في لبنان وإدخال أسماء مختلفة لتشكيل حكومة هذا البلد، من برأيك سيتولى هذه المهمة في النهاية؟
- يتم التداول بالعديد من الأسماء المقترحة لتولي المهمة الصعبة، مثل نجيب ميقاتي وفيصل كرامي وغيرهما، ويجري رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، اتصالات مكثفة ومساعي حثيثة لتسهيل عملية الاستشارات النيابية التي ستنطلق يوم الاثنين المقبل، لاختيار شخصية سنية لتكليفها تشكيل الحكومة الجديدة. إذ يسعى الرئيس بري لإشراك الحريري في عملية الاختيار لضمان تغطية نيابية سنية وازنة للرئيس المكلف، إذ يمثل الحريري أكبر كتلة سنية في البرلمان اللبناني. وهي عملية إن تمت بنجاح فإنها تعني أن الحريري لن يكون عاملًا سلبيًا وبالتالي سيعني ذلك ضوءًا أخضر أمام أي شخصية سنية قد توافق على التكليف.
لكن في النهاية أي شخصية سنية قد توافق على التكليف تضع نصب عينيها تحقيق 3 أمور هامة:
الأول: الحصول على ضوء أخضر سعودي بالدرجة الأولى وأميركي بالدرجة الثانية.
الثاني: الحصول على ضمانات من الأطراف الخارجية المتدخلة في العملية السياسية اللبنانية بتأمين هبات ومساعدات مالية تسهّل المهمة الشاقة المتمثلة في البدء بوضع خطوات فعالية للتصدي للانهيار الاقتصادي الحاصل في البلد.
الثالث: الحصول على ضمانات من أغلبية الأطراف الداخلية بالالتزام بمنح الحكومة الثقة وبتسهيل مهمتها، خصوصًا ان هذه المهمة ستكون محددة بأمرين: التحضير للانتخابات المقبلة، والتصدي للانهيار الاقتصادي.
4– ما هو برأيك حل المأزق السياسي والمشاكل الاقتصادية في لبنان؟
- لا شك أن المأزق السياسي / الاقتصادي في لبنان خطير وغير مسبوق، وهو ناتج عن مسار طويل من الفساد الداخلي المدعوم خارجيًا، وارتهان معظم الطبقة السياسية اللبنانية للإدارات الخارجية.
وأي حديث عن حلول أو مساع للخروج من هذا المأزق يبدأ بتحرير الإرادة السياسية اللبنانية من القيود الخارجية، الأميركية والسعودية على وجه التحديد.
وإذا كان الوقت غير مناسب للحديث عن تطوير الدستور اللبناني، وإذا كان الحديث عن مؤتمر تأسيسي يثير مخاوف البعض، فإن التفكير جديًا في التطبيق الجدي لاتفاق الطائف قد يساعد مرحليا في تجاوز العديد من المشاك والعقبات
ويبقى التوجه صوب الدول التي ابدت استعدادها لمساعدة لبنان اقتصاديًا من دون أي شروط سياسية استغلالية، كإيران وروسيا والصين وغيرها من الدول، خيارًا مثاليًا للتحرر من الحصار الأميركي – السعودي على لبنان، وبالتالي إنعاش الاقتصاد بعد وضع أسس وتشريعات تضمن ذلك.